top of page

أبو القاسم الشابي

مقدمة

إذا سألت عن أبي القاسم الشابي فحتماً سيكون الجواب في بيت هو القمة في إرادة الحياة :

 

إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة                                         فلا بدّ أن يستجيبَ القدرْ

 

شاعر تونسيّ معروف وَلِدَ عام 1909 في بلدة الزّرات في تونس الخضراء، ويُعتبر الشّاعر أبو القاسم الشّابي أحد شُعراء العصر الحديث. وتوفي الشّاعِر الشّابي عن عمر 25 عاماً في عام 1934م، وهو صاحب لقب «شاعر الخضراء».

 

حياته

ولد الشاعر في مدينة توزر في تونس وذلك عام 1909م، وقد لُقِّبَ بشاعر الخضراء، والده هو محمد الشابي الذي تلقى تعليمهُ في القاهرة في جامعة الأزهر فظلَ في مصر مدة سبع سنوات ليعود بعد ذلك إلى تونس حيث عَمِلَ في عدد من المدن التونسية وكانت وفاة محمد الشابي في توزر عام 1929م، والمعلوم أنّ محمد الشابي كان تقيّاً صالحاً فربّى أبناءه على الخصال الحميدة وكان عددهم أربعة وهم الشاعر أبو القاسم الشابي، ومحمد الأمين، وكذلك عبد الله وعبد الحميد.

 

كان أبو القاسم الشابي نحيلاً وبنيته ضعيفة منذ ولادته وقد عانى من إصابته بتضخّمَ في القلب، ولم تكن نشأة أبي القاسم في مسقط رأسه حيثُ خرجَ منها وعمره عام واحد حيث أخذ أبوه يتنقل من مدينة إلى أخرى على حسب ما كان يقتضيه عمله في القضاء، وقد استمرَّ هذا التنقل مدّة عشرين عاماً حيثُ أثر ذلك على حياة أبي القاسم وأدّى إلى تعدد المدارس التي دخلها، وقد بدأَ أبو القاسم تعليمه وهو في لخامسة من عمره حيث ذهب إلى الكُتّاب في بلدة تدعى» قابس».

 

قبل إتمام الشابي الثامنة عشرة كان قد التحق بجامعة الزيتونة، وكان قد كوّن فيها ثقافة واسعة جمع فيها بين قديم التراث العربي وبين روائع الأدب الحديث في العراق، ومصر، وسوريا، والمهجر ولم يكن على علم بلغة أجنبية ولكن بما أنّه كان واسع المطالعة فقد استطاعَ استيعاب ما تم نشره في المطابع العربية فيما يخص آداب الغرب والحضارة فيه. في العام 1927م حصلَ أبو القاسم على شهادة التطويع وذلك من الزيتونة ولكنه انتسبَ إلى كلية الحقوق التونسية في العام المدرسي التالي بناءً على نصيحة والده له، وفي مطلع عام 1929م مَرِضَ والد أبو القاسم الشابي ولم يكن أبو القاسم قد حصلَ على إجازة الحقوق بعد؛ فشكّل تمريض والده ثقلاً عليه من الناحية النفسية والماديّة أيضاً، وشعرَ والده باقتراب أجله فطلبَ الانتقال إلى توزر حيث مسقط رأسه، وتمّ له ذلك ومن ثمّ توفّى في 8-9-1929م، وحَزِنَ الشاعر أبو القاسم حُزناً عميقاً على والده، ومع هذا فقد أنهى دراسته وأخذ إجازة الحقوق عام 1930م.

 

شعره

الأساليب في شعر

ضَمِّنَ الشاعر أبو القاسم الشابي العديد من الأساليب في قصائده الشعرية، نستحضر بعضها هاهنا:

استخدامه للأسلوب الخطابي إذ يستخدم أسلوب الأمر والاستفهام والتعجب في قصائده كقوله:

 

ألا انهض وسِرْ في سبيل الحياةَ                                فمن نام لم تنتظره الحياة

 

استخدامه لأسلوب التشخيص بمعنى أن يشبه الأشياء بالأشخاص كقوله:

 

إذا الشعبُ يوما أراد الحياةَ                                        فلا بد أن يستجيبَ القدرْ

 

استخدامه للكناية من أجل تجسيد المعاني التي يريد إيصالها للقرّاء كقوله:

 

سخرت بأناتِ شعبٍ ضعيف                                     وكفُك مخضوبةٌ من دماه

 

تراكيبه اللفظية

فهي تجري مجريين:

 مجرى الأساليب العربية

 مجرى أكثر تحرّراً وانفلاتًا من الأساليبِ العربية.

 

الأغراض الشعرية

فهي محدودةٌ ووجدانيةٌ مُرتبِطةٌ بالتأمل في الحياة، ونجد في ذلك الألفاظ التي تدل على كلّ غرض شعري، كالغابة، والعصفور، والورود، والفصول، وغيرها في الطبيعة. وفي الحياة الاجتماعية من سياسيةٍ ووطنيةٍ وحياةٍ أدبية، إضافة إلى الموضوعات النفسية، والحب والغزل.

 

وفاته

لم تكن حياة أبي القاسم كالآخرين من أقرانِهِ نتيجة معاناته في القلب، فقد حُرِمَ من القفز والسباحة وتسلقَ الجبال امتثالاً لنصيحةِ الأطباء عند تشخيصهم لحالتِه، وقد عانى من ذلك نفسياً قبلَ أن يكون جسدياً، لتكون وفاتُه نتيجةَ مرضِه في القلب عام 1934م.

 

أجمل أبياته الشعرية

لحن الحياة

إنها القصيدة الخالدة للشاعر التونسي الخالد أبو القاسم الشابي ، ولعمري أن القصيدة تفصح عن نفسها بسهل ممتنع قل نظيره :

 

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ                                       فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي                                            وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر

وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاة                                        تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـرفَوَيْلٌ

لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ                                                   مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر

كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ                                           وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر

وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ                                        وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر

 

عذبة أنتِ

 

عذْبة ٌ أنتِ كالطّفولة كالأحلامِ                                   كاللّحنِ كالصباحِ الجديدِ

كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلة القمراء                               كالورد، كابتسام الوليدِ

يا لها من وَداعة ٍ وجمالٍ                                           وشبابٍ مُنَعَّم أُمْلُودِ!

يا لها من طهارة ٍ، تبعثُ التقديــسَ                            في مهجة الشَّقيِّ العنيدِ

يالها رقَّة ً تكادُ يَرفُّ الوَرْدُ                                        منها في الصخْرة ِ الجُلْمُودِ!

 

أراكِ فتحلو الحياة

 

أراكِ، فَتَحْلُو لَدَيّ الحياة ُ                                           ويملأُ نَفسي صَبَاحُ الأملْ

وتنمو بصدرِي ورُود عِذابٌ                                      وتحنو على قلبيَ المشتعِلْ

ويفْتِنُني فيكِ فيضُ الحياة                                           وذاك الشّبابُ، الوديعُ، الثَّمِلْ

bottom of page