top of page

أبو خراش الهذلي

أبو خِراش الهذليّ الشّاعر. اسمه خُوَيْلد بن مُرّة القِرْدي. من بني قِرد بن عَمرو بن معاوية بن تميم بن سعد بن هُذيل. ماتَ في زمن عمر بن الخطَّاب من نَهْشِ حية،

 

توفي (15هـ - 636م)، كان أبو خراش من مشاهيرِ الصعاليك، وكان مظفراً في غزواته، والمشهور أنه ترك الصَّعْلَكَةَ بعد إسلامه. وأبو خراش لم يَكُن صعلوكاً عاديًّا فلم يمتهن الصعلكةَ حُبًّا في السرقة، بل أجبرته ظروف الحياة على الصعلكة، وعلى رأسِ تلك الظروف مَقتل عدد من إخوته على أيدي قبيلة كنانة وقبيلة فهم وثمالة؛ فانبعث يغزو هذه القبائل؛ تارةً وحيدًا، وتارةً مع عدد من أبناء قبيلته. كان أبو خراش شجاعًا، كريمًا، عفيفَ النَفس لا يَرضى الهوانَ، صبورًا.

 

وفاته

أسلم أبو خِرَاش وحَسُنَ إِسلامه، ثُمَ أتاهُ نَفَرٌ من أهل اليَمن قدموا حجابًا، والماء منهم غير بعيد، فقال: يا بني عمي‏،‏ ما أَمسى عندنا ماء، ولكن هَذِهِ برمة وشاة فرِدُوا الماء، وكلوا شاتكم، ثُمَ دَعوا بَرمتنا وقربتنا على الماء حَتى نأخذها، فَقالوا: لا والله، ما نحنُ سائرين في ليلتنا هذه، وما نحن ببارحين حيث أمسينا‏.‏ فلما رأى ذلك أبو خِراش أخذ قِرْبَةً وسعى نحو الماء تحت اللّيل حتى استقى، ثُمَ أقبلَ صادرًا فنهشته حَيّة قَبْلَ أن يَصِلَ إليهم، فأقبلَ مُسرعًا حتى أعطاهم الماء‏،‏ وقال‏:‏ اطبخوا شاتكم، وكُلوا، ولم يُعْلِمهم ما أصابه، فباتوا على شاتهم يَأكلون حتى أصبحوا، وأصبح أبو خِراش وهو في الموتى، فلم يبرحوا حتى دفنوه. وقال ـــ وهو يموت في شعر له‏:

 

لَقَدْ أَهْلَكْتِ حَيَّـةَ بَطْـنِ وَادٍ عَلَى الإِخْوَانِ سَاقًا ذَاتَ فَضْلِ

فَمَا تَرَكَتْ عَدُوًّا بَيْنَ بُصْرَى إِلَى صَنْعـاءَ

يَطْلُبُـهُ

بِذَحْـلِ

 

فبلغ خبره عمرَ بن الخطاب، فغضب غضبًا شديدًا، وقال: لولا أن تكونَ سُنّةً لأمَرْتُ ألا يضاف يمان أبدًا، ولكتبْتُ بذلك إلى الآفاق. ثم كتب إلى عامله باليمن بأن يأخذ النّفَرَ الذين نزلوا بأبي خِرَاش الهذليّ فيلزَمهم دِيَتَه ويؤذيهم بعد ذلك بعقوبةٍ يمسُّهم بها جَزَاء لفعلهم‏.

 

شعره

 

فلا وأبيكِ الخير لا تجدينه                                         جميل الغِنى ولا صبورًا على العُدمِ

ولا بطلًأ إذا الكُـماةُ تزيَّنوا                                        لدى غمرات الموت بالحالِكِ الفَدْمِ

أبعد بلائِي ضلَّت البيت مِن عَمى                              تُحِبُّ فِراقي أو يَحِلُّ لها شَتمي

وإنِّي لأَثوي الجوعَ حتى يملَّني                                  فيذهبَ لم تدنسْ ثيابي ولا جـِرمي

أَرُد ُّشُجاع البطن قد تعلمينه                                      وأُوثر غيري من عيالك بالطـُّعمِ

مخافة أن أَحيا بِرُغْـمٍ وذِلَّةٍ                                         وللموت خيـرٌ من حياةٍ على رَغمِ

رأَت رجلاً قد لوَّحته مخامصٌ                                   فطافت برنَّان المَـعَدَّيْن ذي شحمِ

تقول: فلولا أنت أُنكِحتُ سيِّداً                                    أُزَفُّ إِلَيه أَو حُمِلتُ على قَرْمِ

لَعَمري لقَد مُلِّكْتِ أَمركِ حِقْبَـةً                                   زمانا فَهَلَّا مِسْتِ في العقمِ والرَّقْمِ

bottom of page