top of page

أسماء بن خارجة الفزاري

أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وكنيته أبو حسان الكوفي، وكان من أشراف العرب وسادتهم ، عرف عنه الجود والسخاء وله قصص كثيرة بالكرم ، وكانت بنته هند زوجاً للحجاج بن يوسف ، وابنه مالك بن أسماء من ولاة الحجاج وعماله.

كرمه وجوده
وكان جوادًا ممدحا، حَكي أنه رأى يومًا شابًا على باب داره جالسًا فسأله عن قعوده على بابه فقال: حاجة لا أستطيع ذكرها، فألحَّ عليه فقال: جارية رأيتها دخلت هَذه الدار لم أرَ أحسن منها وقد خطفت قلبي مَعها، فأخذ بيده وأدخله داره وعرض عليه كل جارية عنده حتى مرت تلك الجارية فقال: هذه فقال له أخرج فاجلس على الباب مكانك فخرج الشاب فجلس مكانه، ثم خرج إليه بعد ساعة والجارية مَعهُ قد ألبسها أنواع الحلي، وقال له: ما منعني أن أدفعها إليك وأنت داخل الدار إلا أن الجارية كانت لأختي، وكانت ضنينة بها، فاشتريتها لك منها بثلاثة آلاف، وألبستها هذا الحلي، فهي لك بما عليها، فأخذها الشاب وانصرف .

وصيته الشهيرة بالأدب العربي لأبنته هند
قال الزبير بن بكر: زوج أسماء بن خارجة الفزاري بنته هند من الحجاج بن يوسف الثقفي، فلما كانت ليلة أراد البناء بها قال لها أسماء بن خارجة: يا بُنية، إن الأمهات يؤدبن البنات، وإن أمك هلكت وأنت صغيرة، فَعليك بأطيب الطيب الماء، وأحسن الحسن الكحل. وإياكَ وكثرة المُعاتبة، فإنها قطيعة للود، وإياك والغيرة فإنها مُفتاح الطلاق. وكوني لزوجك أمة يكن لك عبداً، واعلمي أني القائل لأمك:


خذي العفو مني تستديمي مودتي

وكانت هند بنت أسماء بن خارجة الفزارية امرأةً مُجربةً قد تزوجها جماعة من أمراء العراق، فَقبِلت مِن أبيها وصيته. وكانَ الحجاج يَصفها في مجلسه بكل خير، وفيها يَقول بعض الشعراء يُخاطب أباها:


جزاك الله يا أسمـاء خـيراً
كما أرضيت فيشلة الأمـير
بصدغ قد يفوح المسك منـه
عليه مثل كركرة البـعـير
إذا أخذ الأمير بمشعـبـيهـا
سمعت لها أزيزاً كالصرير
إذا لقحت بـأرواح تـراهـا
تجيد الرهز من فوق السرير

لما قدم الحجاج الكوفة أشارَ عليه محمد بن عمير بن عطارد أن يخطب إلى أسماء ابنته هند، فخطبها فزوجه أسماء ابنته، فأقبل محمد متمثلاً يقول:


أمن حذر الهزال نكحت عبداً
فصهر العبد أدنى للهزال!

فاحتملها عليه أسماء وسكت عن جوابه، ثُمَ أقبل على الحجاج يوماً وهند جالسة، فقال: ما يمنعك من الخطبة إلى محمد بن عمير ابنته فإن من شأنها كيت وكيت. فقالَ: أتقول هذا وهند تسمع؟ فقال: موافقتك أحب إلي من رضا هند، فخطبها إلى محمد بن عمير، فزوجه إياها، فقال أسماء لمحمد بن عمير، وضرب بيده على منكبه:


دونك ما أسديتـه يا بـن حـاجـب
سواء كعين الديك أو قذة الـنـسـر
بقولك للحجاج إن كنـت نـاكـحـاً
فلا تعد هنداً من نساء بـنـي بـدر
فإن أبـاهـا لا يرى أن خـاطـبـاً
كفاءٌ له إلا المتـوج مـن فـهـر
فزوجتها الحجـاج لامـتـكـارهـا
ولا راغباً عنه ونعم أخو الصـهـر
أردت ضراري فاعتمدت مسـرتـي
وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدري
فإن ترها عاراً فقد جئت مثـلـهـا
وإن ترها فخراً فهل لك من شكـر!

من أجمل أشعاره


إنّي لَسائِلُ كُلِّ ذي طِبِّ
ماذا دواءُ صَبابةِ الصبِّ
ودواءُ عاذِلَةٍ تُباكِرُني
جَعَلتْ عتِابي أوجَبَ النَحْبِ
أوَ ليسَ مِنْ عَجبٍ أُسائِلُكم
ما خطبُ عاذِلَتي ومَا خَطبِي
أَبِهَا ذَهَابُ العَقلِ أم عَتَبَتْ
فأُزِيدَهَا عتباً على عَتبِ
أوَلم يُجرِبْني العَواذِلُ أوْ
لمْ أبْلُ من أمثالِهَا حَسبِي
ماضرَّهَا ألا تُذَكرَني
عيشَ الخِيامِ ليالي الخِبِّ
ماأصبحَتْ بشرٌ بأحسنَ في
مابينَ شَرقِ الأرضِ والغَرْبِ

 

bottom of page