top of page

إبراهيم اليازجي

ابراهيم بن ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط اليازجي (و. 2 مارس 1847 - ت. 1906) هو لغوي وناقد وأديب لبناني.

 

حياته

ولد في بيروت في بيت علم، إذ إن أبيه هو الشاعر اللبناني المعروف ناصيف اليازجي، شاعر من كِبارِ الأدباء في عصره أصله من حمص بسوريا، ومولده في كفر شيما في لبنان عام 1800، ووفاته في بيروت عام 1871. استخدمه الأمير بشير الشهابي في أعماله الكتابية نحو 12 سنة، انقطع بعدها للتأليف والتدريس في بعض مدارس بيروت وتوفي فيها.

 

تخرج إبراهيم اليازجي في مبادئ اللغة على أبيه، ثُمَّ قرأ على نفسه، فنالَ بجده وذكائه الغاية البعيدة، ونظم الشعر في ريعان الشباب وكان يوليه من الإتقان والعناية ما يولي كل أعماله فجاء شعرهُ برهاناً على الإبداع وعلى أنه ورث الخيال عن أبيه، فرق أدبه وصفا خاطره وتطايرت شهرته في جودة النظم فاحتكم إليه فريق كبير من الأدباء وورد عليه من رسائل الشعراء الشيء الكثير حتى أصبح مجلسه لا يخلو من بحث شعري أو أدبي، غير أنه رأى في ذلك ما يشغله عن سواه، فهجر النظم وعكف على المطالعة ودَرَسَ الفقه الحنفي على المرحوم الشيخ محي الدين اليافي أحد مشاهير الأئمة في ذلك الحين، فنالَ مِنهُ حظاً وافراً.

                                                                                                                                         

نشاطه الفكري

يعتبر إبراهيم اليازجي من رواد النهضة باللغة العربية بعد قرون من التدهور إذ تلقى تعليمًا ممتازًا منذ نعومة أظفاره أهله لأن يناقش كبار الأساتذة في اللغة والشعر ومن ذلك ما أوردته الصحف ولفتت إليهِ الأنظار حين قام بنقاش الشدياق حول انتقاد الشدياق لبعض الأبيات التي وردت في ديوان أبيه وعلى ما يبدو أن هذه المناظرة قد أثرت فيه إذ كان حين ذاك في الثالثة والعشرين من عمرة فحفزته للتعمق في الدراسات الأدبية واللغوية وجاءت دعوة الآباء اليسوعيين للشيخ إبراهيم ليِعِّرب الكتابَ المقدس فدرس السريانية والعبرية وأكبَّ على هذا العمل حتى استطاعَ تعريب الكتاب المقدس بلغةٍ عربيةٍ واضحة.

 

القومية العربية

جسد ابراهيم اليازجي فكرةَ القوميةِ العربية العمومية، وليست القومية السورية العربية المحلية النزعة. وهذا هو الفكر الذي طغى على نشاط الرعيل الثاني من أعلام النهضة الحديثة. فمهدَ العرب بالنسبة للأحرار والراديكاليين العرب لم يقتصر على جزيرة العرب فقط (الحجاز ونجد واليمن)، بل شمل سورية والعراق أيضا، ولذا فوحدة الوطن العربي يجب أن تضم كل هذه الأقطار معًا، وأن يعترف له بالاستقلال الاثني والتاريخي والثقافي لوحدة العرب في إطار الدولة العثمانية وتحت ظل الهيمنة التركية.

 

وهنا ينبغي تذكير بالقصيدة الوطنية التي ألقاها الشاعر إبراهيم اليازجي في 5 شباط (فبراير) 1868 في إحدى جلسات الجمعية العلمية السورية ومطلعها:

تنبهوا واستفيقوا أيها العرب                                  فقط طمى الخطب حتى غاصت الركب

 

يذكر فيها بأمجاد العرب التليدة، ويتنبأ لهم بمستقبل منير مشرق يتجلى في توحيد الأقطار العربية ونيل الإستقلال الذاتي القومي العربي، حيثُ «يصير الهلال بدرًا، ويصبح الليل نهارًا».

 

كانت هذه القصيدة كالسنونو الذي يبيشر بمقدم الربيع، بشائر الوعي القومي لدى السوريين العرب، الذي استقطب أنظار الباحثين والدارسين واهتمامهم. والجدير بالذكر أن المضمون الذي رمز إليه اليازجي بالهلال والبدر ظل عصيًا على أفهام معاصريه العرب.

 

وقد أشرنا أن المعلم بطرس البستاني كان من أوائل من استخدم الكتابات الرمزية في خطبته الشهيرة حول الثقافة العربية. ولكنه كني عن الهلال «هلال المعارف» إشارة إلى «الأفكار الانسانية النيرة» للسلطان عبد المجيد، أي أنه دعا لاستبدال «هلال المعارف العثماني» «ببدر المعارف» من الطراز الأوربي المستنير. ولكن الرموز التي أشار إليها اليازجي تختلف في معناها ومضمونها إذ تخطت حدود مسائل المعرفة والتنوير البحتة. «فبدر الحرية سيبزغ بالضرورة بدلًا من هلال السيطرة التركية» ، وستشرق شمس (حرية العرب النيرة) لتبدد ظلام الليل التركي الحالك السواد». ونشير بالمناسبة أن القنصل الروسي بازيلي كان قد أشارَ في واحدة من تقاريره اشارة واضحة المضمون السياسي – القومي إلى الرموز التي عناها الشاعر العربي الوطني إبراهيم اليازجي: «إضافة إلى اللقاءات الأدبية التي كانوا (يقصد أعضاء الجمعية) يتحدثون فيها عن أمجاد العرب، أخذوا يتكلمون عن الحكم التركي والنير العثماني. كان الرفاق يجتمعون ليلًا ليقرؤوا القصائد الوطنية الحماسية وراء الأبواب الموصدة».

 

ولا ريب في أن إبراهيم اليازجي لم يبلور فقط أهداف عصره وتطلعاته وطموحاته، بل ولم يعارض التعصب الديني والإنقسام الطائفي بدعوة العرب إلى التآلف والتآزر والتضامن والوحدة فحسب، بل وكان ينظم الأشعار التي شرعت تتردد على كل شفة ولسان في ذلك الزمان، والتي تعطينا تصورًا كاملًا عن الأصولية والثورية اللتين تمتع بهما جيل الشباب العرب الأحرار، الذين شكلوا تيارًا سياسيًا قويًا متكاملًا.

 

شعره

أشعار اليازجي تحولت إلى شعارات رفعتها الحركة السرية الثورية في بيروت عبر مناشيرها التي ندتت بظلم الأتراك ودعت إلى استقلال العرب. فقد أطلق اليازجي نداء اليقظة العربية في قصيدته المعروفة بالبائية، فقال:

 

تنبهوا واستفيقوا أيها العرب                                      فقد طمى الخطب حتى غاصت الركبُ

فيم التعلل بالآمال تخدعكم                                         وأنتم بين راحات القنا سَلَبُ

لا دولة لكم يشتد أزركم                                             بها ولا ناصر للخطب ينتدبُ

 

كان اليازجي قد وقف مغزى حياته على قرضِ أشعارٍ تدعو العربَ للنضالِ ضد الأتراك، ويناشد مواطنيه العرب الثورة بقوله:

 

فالترك قوم لا يفوز                                                   لديهم الى المشاكس

أَوَلستم العربَ الكرام                                                 ومن هم الشُّم المعاطس

فاستوقدوا لقتالِهم                                                       نارا تُروِّع كل قابسْ

 

مؤلفاته

 كتب مقالات رائعة وبحوث مفيدة في جريدة النجاح، ومجلة الطبيب، البيان، الضياء.

 العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب، كان قد بدأ والده به، فأتمه اليازجي.

 اختصر كتابي والده نار القرى في شرح جوف الفرا في النحو، (الجمانة في شرح الخزانة) في الصرف.

 اختصر كتاب (الجوهر الفرد) وشرحه بكتاب سماه (مطالع السعد لمطالع الجوهر الفرد).

 تنقيح الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين.

 تنقيح تاريخ بابل وآشور لجميل نخلة المدور.

 تنقيح كتاب عقود الدرر في شرح شواهد المختصر لشاهين عطية.

 تنقيح دليل الهائم في صناعة الناثر والناظم جمعه شاكر البتلوني وبوبه بأسلوب مدرسي.

 تنقيح نفح الأزهار في منتخبات الأشعار جمعه شاكر البتلوني بإرشاده.

 ألف كتاب نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد في ألفاظ اللغة العربية وتراكيبها.

 ألف كتاب لفرائد الحسان من قلائد اللسان لا يزال مخطوطاً.

 ديوان شعر أسماه العقد بعض رسائله المكتوبة بخطه الفارسي الجميل معظمها محفور على الزنك وبعضها بحروف مطبعية.

 كتاب شرح المقامة البدوية من كتاب مجمع البحرين.

 كتاب تنبيهات اليازجي على محيط البستاني.

 كتاب تنبيهات على لغة الجرائد.

 

أقوال فيه

إبراهيم اليازجى هو مؤسس مجلة الضياء في عام 1898م في القاهرة، وتولى تحرير جريدة النجاح عام 1872م، إلى أن توفي في القاهرة، من عام 1906م.

 آراء معاصريه فيه:

قال خير الدين الزركلي:عالم بالأدب واللغة.

 

قال عمر رضا كحالة: أديب، لغوي.

 

قال السيد رشيد رضا: «في الطبقة الأولى من أدباء نصارى بلاد الشام، وقد اشتهر بالعناية والبحث في اللغة العربية وانتقاد ما يكتب بها وإن قومه ليجلون قدره. ولكننا كنا نراهم على فخرهم به يشكون من عجبه وصلفه، ويألمون من غروره».

ويقول الشاعر العراقي فالح الحجية في كتابه (شعراء النهضة العربية):التزم إبراهيم اليازجي القومية العربية وعمل في سبيل إحيائها وإذكائها في قلوب الناشئة العرب وبث الروح العربية المتوثبة في الشباب المثقف المتعطش إلى الحرية، وكان يعمل على استقلال البلاد العربية.

 

وقيل أنه ينتمي إلى المنظمة الماسونية.

 

أجمل أبياتِه الشعرية

إليك كتاباً من محب متيم

 

إليك كتاباً من محبٍ متيمٍ                                           يترجم عما في الفؤادِ تقررا

تضمن من نيران شوقي مجامراً                                 وأودعت فيه من سلامي عنبرا

 

تنبهوا واستفيقوا أيها العرب

 

تنبهوا واستفيقوا أيها العرب                                      فقد طمى الخطب حتى غاصت الركبُ

فيم التعلل بالآمال تخدعكم                                         وأنتم بين راحات الفنا سلبُ

الله أكبر ما هذا المنام فقد                                           شكاكم المهد واشتاقتكم التربُ

كم تظلمون ولستم تشتكون وكم                                 تستغضبون فلا يبدو لكم غضبُ

ألفتم الهون حتى صار عندكم                                    طبعاً وبعض طباع المرء مكتسبُ

وفارقتكم لطول الذل نخوتكم                                     فليس يؤلمكم خسف ولا عطبُ

لله صبركم لو أن صبركم                                          في ملتقى الخيل حين الخيل تضطربُ

كم بين صبر غدا للذل مجتلباً                                    وبين صبر غدا للعز يحتلبُ

فشمروا وانهضوا للأمر وابتدروا                              من دهركم فرصة ضنت بها الحقبُ

bottom of page