top of page

إدريس محمد جَمّاع

شاعر سوداني مرموق لهُ العديد من القصائد المشهورة والتي تغنى ببعضها بعض المطربين السودانيين وأدرج بعضها الآخر في مناهج التربية والتعليم المتعلقة بتدريس آدابِ اللغةِ العربيةِ في السودان.

 

ميلاده

ولِدَ في حلفاية الملوك بالخرطوم بحري في السودان عام 1922 م.

 

نشأتُهُ ومراحلُ تعليمه

نشأ نشأة دينية في كنف أسرته المحافظة وكان والده المانجل محمد جمّاع بن الأمين بن الشيخ ناصر هو شيخ قبيلة العبدلاب.

 

بدأ إدريس تعليمه في سن مبكرة في خلوة حلفاية الملوك حيثُ حَفِظَ القرآن الكريم ثُمَّ التحق بمدرسة حلفاية الملوك الأولية في عام 1930، ومنها إلى مدرسة أم درمان الوسطى بمدينة أم درمان في عام 1934م ولكنه لم يكمل الدراسة فيها لظروف مالية، والتحق في عام 1946 بكلية المعلمين ببخت الرضا، ثُم هاجر إلى مصر عام 1947 ليدرس في معهد المعلمين بالزيتون، فكلية دار العلوم جامعة القاهرة لاحقاً والتي تخرج فيها عام 1951 م حائزاً على درجة الليسانس في اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية، ثُمَّ التحق بمعهد التربية للمعلمين ونالَ دبلوم التربية عام 1952 م.

 

حياته المهنية

بدأ حياته المهنية مُعلماً بالمدارس الأولية بالسودان من عام 1942 وحتى عام 1947، وبعد عودته من مصر عام 1952 عّين معلماً بمعهد التربية في مدينة شندي بشمال السودان ثُمَّ مدرسة تنقسي الجزيرة الأولية، ومدرسة الخرطوم الأولية ومدرسة حلفاية الملوك الأولية. ثُمَّ نقل للعمل بمدرسة السنتين في بخت الرضا بمنطقة النيل الأبيض، وفي عام 1956 عَمِل مدرساً بمدارس المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية في مختلف مناطق السودان.

 

أعماله الأدبية

يغلب على موضوع شعره التأمل والحب والجمال والحكمة كما كتب أشعارًا وطنية مناهضة للإستعمار.

 

يتسم أسلوب شعره برقة الألفاظ والوصف الفائق الخيال وكثيرًا ما يعبر في شعره عن وجدانه وتجاربه العاطفية ووجدان أمته، واصفاً تلك المشاعر الإنسانية فرحاً، وألمًا، وحزناً، كما يزخر شعره بوصف ثورة الثائر الوطني الغيور على حرية وطنه وكرامة أمته، وربطَ في أعماله الشعرية بين السودان والأمة العربية والإسلامية، فتناولَ قضايا الجزائر ومصر وفلسطين، ونظمَ شعراً في قضايا التحرر في العالم أجمع.

 

ووفقاً للدكتور تاج السر الحسن الذي شاركَ في الإشراف على طباعة ديوان جمّاع فأن شعر جماع يقع في إطار الشعر التراثي والديواني العربي.

 

فجمّاع شاعر من المدرسة العربية الإبتدائية وهو من رواد التجديد الشّعري في العالم العربي ومن شعراء مدرسة الديوان على وجه الخصوص ضمن مجموعة عبدالرحمن شكري و العقاد و إبراهيم المازني.

 

وقال عنه الدكتور عبده بدوي في كتابه «الشعر الحديث في السودان» إن أهم ما يميّز الشاعر جمّاع هو «إحساسه الدافق بالإنسانية وشعوره بالناس من حوله ولا شك في أن هذه نغمة جديدة في الشعر السوداني».

 

وصدر حوله كتابٌ بعنوان «جماع قيثارة النبوغ» من تأليف محمد حجازي مدثر. كما أعد الباحث عبدالقادر الشيخ إدريس رسالة دكتوراه حول شعر جمّاع بعنوان «الشاعر السوداني إدريس جماع، حياته وشعره».

 

وكتب عنه الدكتور عون الشريف قاسم قائلاً «لقد كان شعر جمّاع تعبيراً أصيلاً على شفافيته الفائقة والتي رسمت لنا الكلمات وأبرزت بجلاء حسه الوطني».

 

ديوانه

له ديوان واحد صدرَ بعنوان «لحظات باقية»، وطُبِعَ ثلاث مرات وقد جمع أشعاره بعض أصدقائه وأقاربه لأنه لم يتمكن من ذلك بسبب ظروفه الصحية.

 

قصائده المنشورة

(أنت السماء، أمة المجد، قوم يا ملاك، الطفولة، نغمات الطّبيعة، نضال لا ينتهي، ربيع الحب، نحو القمة، إن حظي كدقيق، ضمير له حدود، رسالة الحياة، طريق الحياة، بخت الرضا، نومة الراعي، صوت وراء القضبان، دمي، في مهب الريح، الهلال، عالم الخلود، ينابيع الشعر، إني لأعجب)

 

وفاته

توفي عام 1980 م بعد معاناة مع مرضٍ نفسي أقعده طويلاً بمستشفى الأمراض العصبية بالخرطوم بحري وقد أرسِلَ للعلاج إلـى لبنـان فـي عهـد حكومـة الرئيـس إبراهيـم عبـود وعـادَ إلـى السـودان دون أن تتحسـن حـالته الصحية.

 

أجمل أبياته الشعرية

ففي اشعاره التي تتحدث عن المقاومة قصيدة يقول مطلعها:

 

أيها الحادي إنطلقْ واصعدْ بنا

وتخير في الذرا أطولِها

نحن قوم ليس يرضى همهم

أن ينالوا في العلا أسهلها

وفي قصيدة «سعير الكفاح» يقول:

سنأخذ حقنا مهما تعالوا

وإن نصبوا المدافعَ والقِلاعا

 

وفي قصيدة «أنت السماء» ، والتي تغنى يها المطرب السوداني سيد خليفة وصف جمّاع المحبوبة بالسماء النائية، حيث جاء فيها:

 

دنياي أنت وفرحتي ومنى الفؤاد إذا تمنَّى

أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا

هلا رحمت متيما عصفت به الأشواق وَهْنا

وهفت به الذكرى فطاف مع الدجى مغنا فمغنى

أنست فيك قداسة ولمست اشراقا

ونظرت في عينيك آفاقا وأسرارا ومعنى

 

وفي قصيدة «ربيع الحب» روى جمّاع تجربة حب فاشلة وقال:

 

في ربيع الحـب كنـا نتساقـى ونغنـى

نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصـن

إننا طيفان في حلم سماوي سرينا

واعتصرنا نشوة العمر فما ارتوينا

إنه الحب لا تسأل ولا تعتب علينا

كانت الجنة مأوانا فضاعت من يدينا

ثــم ضـــاع الأمـــس مـنــا

وانـطــوى بالـقـلـب حــســرة

 

وفي قصيدة«صوت من وراء القضبان»، يقول:

 

وفي لجج الأثير يذوب صدري كساكب قطرة في لجج بحر

دجى ليلي وأيامي فصول تؤلف نظمها مأساة عمري

وعن الوطنية كتب في قصيدة «أمة المجد» يقول:

أمة للمجد والمجد لها وثبت تنشد مستقبلها

رو نفسي من حديث خالد كلما غنت به أثملها

من هوى السودان من آماله من كفاح ناره أشعلها

 

ومن اعماله في وصف الطبيعة قصيدة «رحلة النيل» حيث قال:

 

النيل من نشوة الصهباء سلسلة

وساكنو النيل سمار وندمان

وخفقة الأموج اشجان تجاوبها

من القلوب التفاتات واشجان

 

ولعلّ من أكثر قصائده تناقلاً هي التي ندب فيها سوء الحظ والتي يقول مطلعها:

 

إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه

ثم قالوا لحفاة يوم ريح أجمعوه

عَظِم الأمرُ عليهم ثم قالوا اتركوه

إن من أشقاه ربي، كيف أنتم تسعدوه

bottom of page