top of page

ابن الفارض

ابن الفارض، هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، أحد أشهر الشعراء المتصوفين، وكانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بـ «سلطان العاشقين». والده من حماة في سوريا، وهاجر لاحقاً إلى مصر.

 

مولده ونشأته

ولِدَ بِمصر سنة 576 هـ الموافق 1181م، ولما شَبَ اشتغلَ بفقه الشافعية، وأخذَ الحديث عن ابن عساكر. ثُمَ سَلكَ طريق الصوفية ومالَ إلى الزُهد.

 

عزلته

قضى ابن الفارض نحو 15 سنة من عمره في عزلة عن الناس بعد أن سافر لمكة لتأدية فريضة الحج، ثُمَ قَرَرَ الاعتزال في وادٍ بعيد عن الناس، وكانت تلك العزلة هي المنبع الذي فاضت مِنهُ مُعظم أشعاره، حيث أتاحت له تأمل أحوال نفسه والغوص في الخيال البعيد وأسرار الملكوت. وبعد أن أنهى عزلته عادَ إلى مصر مُجددا مُحملا بالمعاني ودرر البيان، وعاشَ هناك إلى وفاته حيثُ دُفِنَ بجوار جبل المقطم في مسجده.

 

ابن الفارض والحب الإلهي

كان ابن الفارض رجلاً صالحاً كما تحدَّث عنه ابن خلِّكان، إذ كانت حياته الصوفية حياة مليئة بالخلق والنقاء بَعيداً عن التعصُّب، ولم تأتِ عن طريق الصدفة، إنَّما كانت مِن خلال الرياضيات العملية التي كان يقوم بها ألا وهي كبح جماح النفس ومجاهدتها، إذ كانَ يَقضي أيَّامًا عدَّة دون طعام أو شراب، أو نوم قد وصلت إلى الأربعين يوماً لذلك سُمِّيَت بالأربعينيات. كما وصل ابن الفارض لمرحلة اعتبر نفسه إمام الصوفية والعاشقين، إذ كان يقول للناس ألَّا يأخذوا من غيره عن أسرار الحب والعشق الإلهي إذ إنَّه أعلمهم. وما قام به ابن الفارض من هَجرِ الناسِ واعتزالهم كان من أهم الشروط التي يَجب وجودُها في مَن يطمح أن يصلَ لحب ِالله، ويُلزم نَفسَه بها لإرضاء الله تعالى. وتغنَّى بحبِه إذ قال:

زدني بفرطِ الحبِ فيك تحيّراً

وارحم حشى بلظى هواك تسعّرا

وإذا سألتك أن أراك حقيقةً

فاسمحْ ولاتجعلْ جوابي لن ترى

 

شعره

من شعره قوله:

 

لم أخلُ من حسدٍ عليك فلا تضع                        سهري بتشنيعِ الخيالِ المرجفِ

واسأل نجومَ الليلِ هل زار الكرى                      جفني؟ وكيف يزور من لم يعرفِ

أعد ذكر من أهوى ولو بملامِ                           فإن أحاديثٌ الحبيبِ مُدامي

كأن عذولي بالوصال مِبشري                           و إن كنت لم أطمعْ برد سلامي

طريح جوى صب جريح جوارح                       قتيل جفونٍ بالدوامِ دوامي

 

وله أيضاً:

 

ولقد خلوتُ مع الحبيب وبيننا                           سر أرق من النسـيم إذا سرى

وأباح طرفي نظرة أملتها                                فغدوت معروفا وكنت منكرا

فدهشت بين جماله وجلاله                               وغدا لسان الحال مني مجهرا

وله أيضاً:

 

قـلـبي يُـحدثُني بأنك مُـتلفي                              روحي فِداك عرَفت أم لم تعرفِ

لم أقضِ حق هواكَ إن كنتَ الذي                       لم أقض فيه أسى ومثلي مَن يفي

ما لي سوى روحي وباذلُ نفسه                         في حب من يهواه ليس بمسرفِ

فلئن رضيتَ بها فقد أسعفتني                           يا خيبة المسعى إذا لم تسعفِ !

يامانعي طيب المنام ومانحي                            ثوب السقام به ووَجدي المتلف

bottom of page