top of page

خالد محمد سليم

خالد سليم شاعر إسلامي مصري، ومن شعراء الفصحى في العالم العربي والإسلامي، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ويتميز شعره بأنه يحقق معادلة قلما تُحقق ألا وهى الجمع بين الفصاحة والرصانة والوزن وبين البساطة والوضوح والتأثير.

 

نشأته وحياته

نشأ الشاعر الإسلامي خالد سليم وتربى في قرية من قرى محافظة الشرقية تسمى نزلة العزازي، بيد أنّ ميلاده كان بمدينة الإسماعيلية عام 1939م، حيثُ كان بيت جده لأمه. وكان والد الشاعر ناظراً لمدرسة نزلة العزازي الإلزامية، لذا نشأ محباً للغة العربية، وهو خريج كلية دار العلوم، وكان رئيساً للاتحاد الاشتراكي بمحافظة السويس، ثم تركه ليبدء رسالة التعليم في مدارس الإبراهيمية ثُمَ مدرسة أبوحماد الثانوية المشتركة، ومدرسة القصاصين ثُمَ إلى السعودية في مدرسة رحيمة الثانوية، وفي عام 1984م عاد ليستقر في قرية القطاوية، وليبدأ من جديد حياته مع التوجيه للغة العربية والتربية الدينية والصّحافة المدرسية ليصبح كبير موجهي اللغة العربية بالإسماعيلية.

 

الروافد التي نهل منها الشاعر

نهل خالد سليم من أربعة روافد كان لها أكبر الأثر في تشكيل عواطفه ووجدانه وميوله الإسلامية:

كان أولى هذه الروافد والده: الذي يكان يلقب بالشيخ الصادق والذي كان ناظراً لمدرسة نزلة العزازي الإلزامية، والذي كان حافظاً للقرآن متفقهاً فيه، حافظاً للكثير من الشعر وخاصة قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي، هذا فضلاً عن كونه متذوقاً للشعر، كل هذه الخصال التي توفرت في والد شاعرنا الإسلامي من صدقٍ وصلاة للفجر وحفظٍ للقرأن وحبٍ للشعر كانت لها أكبر الأثر في تشكيل شخصية الشاعر خالد سليم.

 

ثاني هذه الروافد هي كتاتيب القرية: حيث تعلم فيها الشاعر اللغة العربية عن أصولها، على يد مشايخ عظماء، كما شب الشاعر من خلال هذه الكتاتيب على حب اللغة، وحب القراءة، وحب العلم والاستزادة منه، وهذا الرافد كان له من التأثير الكبير على حب الشاعر للغة العربية، وعشقه لها، مما دفعه للالتحاق بكلية دار العلوم لتكملة مشوار حبه بل عشقه للغة العربية وآدابها.

 

ثالث هذه الروافد القرآن الكريم: حيثُ حَفِظَ الشاعر القرآن في سن مبكرة مما جَعَلَ وجدانه الإسلامي ينمو مع نموه الجسدي ويتغلل فيه، وهذا الرافد من الأهمية بمكان حيث جَعَلَ كل وليس معظم اقتباسات الشاعر في شعره اقتباسات قرآنية مفعمة بروائح من الماضي وقصص للصحابة.

 

آخر هذه الروافد الأربعة هي كلية دار العلوم: حيث كان الشاعر يومئذٍ في السادسة عشرة من عمره، وكانت دار العلوم باباً واسعاً دَخَلَ منه الشاعر إلى عالم اللغة والأدب والنقد والبلاغة، وفى دار العلوم سَمِعَ الشاعر شعر أستاذه على الجندي حيثُ كان كثير الإحتكاك به والتلقي عنه. كما كانَ يصدح في سماء دار العلوم شاعر شاب من طلابها هو هاشم الرفاعي، حيثُ كانَ يسبق الشاعر خالد سليم بسنة أو اثنتين بالكلية، ودَرَسَ الشاعر في كلية دار العلوم كل ما يتصل باللغة العربية من أدب ونقد، وشعر وبحور للشعر ونماذج للشعر الجاهلي والحديث، كل ذلك أثر في وجدان الشاعر وجعله عاشق للشعر الفصيح، الرصين، المقفى، وجعلهُ لا يعترف بالشعر الحر لأنه خالي من العواطف والوجدان والموسيقي الشعريّة على الرغم من أنه قد يكون قريب من أسماع عامة النّاس.

 

حياته الشعرية

نسجَ الشاعر خالد محمد سليم طريقًا خاصاً لحياته الشعرية في ساحة الأدب العربي في مصر وغيرها، فهو يُعد من الأدباء القلائل الذين تغنَّوا بهموم هذه الدعوة المباركة، فجعلَ من نفسه رسالةً ساميةً ترتفع بأرواح مستمعيه وسط هذا العالم المليء بالشهوات، فكان صاحب رسالة وصاحب مبدأ، ومن أقواله «الأدباء الحقيقيون هم أولئك الذين يتحرقون شوقًا إلى الفضيلة ويحترقون من أجلها».

 

خالد سليم شاعر إسلامي من الطراز الأول، تخرج في كلية دار العلوم جامعة القاهرة عام 1961م، والقضية الإسلامية والعربية هي محور شعره في دواوينه، وبجانب ذلك فهو ناقدٌ متميز، له مفاهيمه عن الأدب ودوره في الحياة والتي يجب أن نلتفت إليها، ومعنى الأدب الإسلامي، وعن تأثير المذاهب الأدبية الدخيلة على مجتمعاتنا وأدبنا العربي الأصيل، وهو القائل:

 

في مدار الشـمـس ألحاني تحلِّقُ لا تــزالْ

ما ســعتْ للأرضِ لم تعبأ بسـلطانٍ ومالْ

ما تغنتْ بالـهـوى في إثرِ رباتِ الحجالْ

بل رأتْ في الدينِ والأخـلاقِ آياتُ الجمالْ

 

كان الشعر سلاحه في التعبير عن نفسه فتارة يكون داعيًا به للفضيلة وتارة يعبر عن رفضه لأوضاع سياسية محيطه وتم اختياره ليكون عضوًا بالأمانة العالمية للقلم الإسلامي، هذا فضلاً عن كونه عضواً باتحاد الأدباء العرب، ونقابة المعلمين، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية.

 

دواوينه

للشاعر الإسلامي خالد سليم عدة دواوين شعرية منها:

 قيثارة من شاطئ النسيان إصدار دار المختار الإسلامي، 1986م.

 متى يعود فارسي.

 في مدار الشمس.

 من أدب الناشئين.

 

وهناك العديد من القصائد التي لم تنشر بعد، ولقد كان الشاعر الإسلامي بصدد إصدار المجموعة الكاملة له لكن المنية كانت أسرع، وإلى الآن لم تصدر المجموعة الكاملة للشاعر الإسلامي.

 

قصائده المشهورة

قصيدة الإسلام والإرهاب

وهي متضمنه في مجموعته الشعرية «من أدب الناشئين»، حيثُ قال شاعرنا الإسلامي هذه القصيدة للذين يدعون أن الإسلام يدعو إلى القتل وإلى سفك الدماء، ومخاطباً غلاة الشيعة ممن يظنون أنهم كلما تغالوا في سفك دماء إخوانهم السنَّة كلما تقربوا من الله أكثر، ومخاطباً غلاة السنة من القاعدة والذين اعتقدوا أن القتلَ هو العقاب الوحيد لكل من خالف أي حدٍّ من حدودِ الله سواء من أهل الإسلام أو من أهل الذمة وغفلوا عن قول الله عز وجل مخاطباً نبيَّهُ «وجادلهم بالتي هي أحسن»، ونسَوا قولَ اللهِ عز وجل في سورة الكافرون «لكم دينكم ولي دين» صدق الله العظيم، حيث قال شاعرنا:

 

يا فئةً تغتالُ الناس                                                     تبيحُ الدَّم باسْم الإسلام

الإسلامُ شريـعةُ برٍّ                                                    وشريعةُ عدلٍ وسلامْ

هل يتفقُ الدينُ الحقّ                                                  وقتلُ الأنفسِ والإجرامْ

الإسلامُ ضياءٌ يهدِي                                                  لا غدرٌ في جُنْح ظلامْ

دينٌ يبسُطُ ثوْب الرحــ                                               ــمةِ فوْق الأدمع والآ لامْ

كم طفلٍ في عُمْر الوردِ                                             قتلتـُمْ في فمِهِ الأحلامْ

وعصفْتمْ بدموع امرأةٍ                                               وبشيخٍ فانٍ وغلامْ

 

مسرحية دير ياسين

تعد مسرحية دير ياسين من أجمل المسرحيات الشعرية الهادفة في العصر الحديث على الرغم من كونها مسرحية من فصل واحد، وذلك لتجسيدها آلام الأمة العربية ومدى تمرغها في الذل والهوان، وهذه المسرحية على الرغم من إبداع الشاعر فيها والنابع عن حسه العميق بهموم وجروح أمته إلا أنها لم يتم تناولها من قبل أي مخرج مسرحي إلى الآن، وهذه المسرحية منشورة في ديوان «قيثارة من شاطىء النسيان».

 

أثارتْنا مذبحة دير ياسين يوم حدثتْ. لكن توالتْ السنوات تحمل إلينا المزيد من هذه المذابح الوحشية الضارية التي مُثل فيها أبشعَ تمثيل بشباب العرب ونسائهم وأطفالهم.

 

العرض

 

  القريةُ في حُلمٍ ممتعْ والشمسُ تـَوارتْ لمْ تطلُعْ

  الديكُ  تـَصايح  يـُوقـِظها والشيخُ على بعدٍ يركعْ

  وغيومٌ ناحيةُ الغربْ

لو كانت تدْري قريتـُهمْ ماذا في الغيـْب يـُعَدُّ لهمْ

 الفجرُ حثيثاً يتوارى والصبحُ يـُقَرِب مصرَعهمْ

 لا تدْري القريةُ بالغيبْ

الطلُّ على الرّمْل النادِي وذئابٌ تخطُر في الوادي

الشّرُ تراءى يـُثـْقِلهمْ والسوءُ على سَـمِهمْ بادي

ها هيَ ذي القرية  تـَقرُبْ

 

بداية الأحداث

 

قد جئنا في وقتٍ  مُـبْكرْ هل معْك المُدْيةُ والخنجرْ؟

فلنبْدأ بالشيخ الجاثي نتصبح من دمِهِ الأحمرْ

والباقون بأعلى الدربْ..

 اضرِبْ اضربْ  يا شاؤول اقتلْهمْ لا تتركْ شيءْ

  هـَاكَ المُدْية يا عربيْ خـذْ هذِي مِـنْ بين يدَي

  خذْها في صدرك أقـْربْ

  اذبحْ ذبحاً يا حاييمْ أسرعْ أسرعْ لا تسألهْ

  استخدمْ خنجرك الماضي والهاربُ بالنار اقتلهْ

  لا تتركْ أحداً يهرُبْ

 

العربي

 

  أجدادي لمْ يحْنوا الهامْ  نجدٌ تذكـُرهمْ والشّامْ

  هل أغفى التاريخُ ونامْ   وإذا القطُ غدا ضِـرغَام!ْ

  اقتلْني الموت أحَبْ

 

الأب العجوز

 

  ولدي..ولدي قد قتلوهْ ماذا  فعل فتغتالوهْ؟

  يا ويلاه خُذوا أرضي   وتركتُ البيت  لكمْ  فخُذوهْ

  فيه  الخيـرُ وفيه الحَبْ

 

المرأة العربية

 

  أواهٍ منكمْ  أواهْ  كيف  سأُذبحُ  ذبحَ  الشاهْ

  لا  تقتلْني..يا ويـْلاهْ ارحمْني يرحمْك اللهْ

  يا شيطانُ أمَـا لكَ  ربْ..

 

الطفل العربي

 

  عمّاه كيف  ستقتلُني  اتركْني لله ودعْنِي

  لم أفعلْ شيئاً لمْ أفعلْ  لك  يا عمّاه فتذْبحنِي

جندي إسرائيلي: ...اذبحْ لا تسمعْهُ..اضربْ

 

كورس

 

 الصرخاتُ ذوَتْ في التـلْ  والجبّارُ يصيحُ: اقتلْ

  وامرأةٌ قـُدَّت أحـْشاها  ودمٌ  قانٍ فوق الرّملْ

  القرية مذبحة الذئبْ

..الرجُلُ يـُخبئُ عـيْنيهِ والطفلةُ بين ذراعيهِ

  قادُوها للموت فأهوى  يعْـصِر مِنْ ولهٍ  كفّيهِ

  يا ويلاه لقلب الأبْ

 

جندي إسرائيلي لزميلته

 

  يا راشيلُ أنـَا ولـْهانْ  ما أحلى قـُبْلَتك الآنْ

  سروالـُكِ  مملوءٌ حلـْوى   يا ويلي مِـنْ ها السيقانْ

  يا حظَ الفارغ للحُبْ

 

كورس

 

  ما حمَلواظُلماً قتلاكمْ  يا طُهْر دماءِ ضحاياكمْ

  السهلُ النائمُ في ياسينَ  شكا للأرض فراياكـُمْ

  قُتـِلوا ما فعلوا من ذنبْ

  هذا الليلُ له صبْحُ   والأفقُ القاتم يصـحُو

  ودماءٌ بيضٌ في الوادي  لن تـَغفوَ عنكمْ يا قُبحُ

 

وفاة الشاعر

في مشهد رائع في الجمعة الثانية من شهر يوليو 2007م خَرَجَ مركز أبوحماد حاملين جثمان شاعرنا الإسلامي ليواريه التراب في مسقط رأسه نزلة العزازي، وذلك عن عمرٍ يناهز السابعة والستين. ولقد قال شاعرنا الإسلامي قصيدة بعنوان العمر قبل موته بأيام، كأنما يستشعر بها طريقه للآخره، رحم الله شاعرنا وجعل كلماتِه نوراً له في قبره، ورشداً له على الصراط يوم القيامة، وهذه القصيدة سماها الشاعر القصيدة «الترانزستور» لصِغَرِ حجمِها وعِظَمِ مكانتِها ومعناها، وكلمات هذا القصيدة تقول:

 

مـســلـســـلٌ يـَمرُ منه ُ كـلَ يوم ٍحَـلـَقـَهْ

ودوحـة ٌيســـقـط ُمنهـا كـلَ حـيـن ٍوَرَقَــهْ

وأدمُـع ٍوفـُـرْقـَـه.. والـمـوت ُ عند شَـهْقه

تـُرَى..هل يَبدأ ُالعناء أم تنتهـِي المِشْقَةَ؟؟

bottom of page