top of page

زهير بن أبي سلمى

مقدمة

المزني هو واحدٌ من أهم وأشهر شعراء العرب ويلقب بـ (حكيم الشعراء) في العصر الجاهليّ، ويُعتبر زهير بن أبي سلمى المزني واحداً من ثلاثة شعراء تقدّموا على سائر شعراء العرب في ذلك الوقت، وهم النابغة الذبيانيّ، وامرؤ القيس، وزهير.

 

نسبه ونشأته

هو الشاعر زُهير بن أبي سلمى بن ربيعة بن رياح بن قرة بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن إد بن طابخة بن إلياس بن نصر بن نزار بن معد بن عدنان المزني، وهو من قبيلة مزينة من معز أحد قبائل مضر، وترعرع في نجد بالقرب من أراضي غطفان حول المدينة المنورة، وأمه من قبيلة ذبيان وخاله الشاعر بشامة بن الغدير وكان ذلك له أثراً واضحاً في أدبه وحكمته ورأيه وقول الشعر، وبعدما توفي والده تزوجت أمه من الشاعر الشهير أوس بن حجر وتربى على يديه، ونستطيع القول أنه عاش في بيئة وعائلة من الشعراء، وأحب زهير بن سلمى امرأة اسمها ليلى وزوجها وتلقب بأم أوفى وتم ذكرها في مطلع معلقته، ولم يعش لهم أولاد لأنهم يتوفون وهم صغار فطلقها بعدما حصل الخلاف بينهما، وتزوج من أخرى من أقارب أخواله وأنجبت ولدين هما كعب وبجير وحفيده المضرب بن كعب.

 

العوامل التي أثرت على نبوغ شعره

نشأ في بيئة كل من حوله شعراء بما فيهم أبيه ربيعة وخاله الشاعر بشامة بن الغدير، وزوج أمه أوس بن حجر، وأختاه الخنساء وسلمى، وأبنائه كعب وبجير شاعران أيضاً. أخذ عن الشاعر أوس بن الشعر براعة وصف الكلمات وإجادة التصوير، وعن خاله الحكمة والرأي السديد فقد كانت له مكانة قوية بين قومه عند استشارته. ساعد طول فترةِ عمره التسعين عاماً على تهذيب شعره من الأخطاء، وكان يستفيدُ من أخطاء غيره الشعرية، واكتسب الخبرة والحكمة من طبائع الناس، ولهذا كان شعره يتميز بحُبِ الخير والسلام، وكان يجيد إلقاء الشعر بعد تروي وتنقيح بسبب موهبته وفطرته.

 

الأغراض الشعرية التي برز بها

المدح: قام بمدح هرم بن سنان بسبب قيامه هو الحارث بن عوف بالصلح ووقف القتال بين قبيلتي عبس وذبيان، وهرم بن سنان هو أحد أسياد قبيلة غطفان وتميز بعطائه الكثير ومنزلته العالية، وتميَّز مدحه بعدم المبالغة والميل إلى الصّدق وعدم التّملق.

 

الرثاء: وهو أحد أغراض الشعر التي استخدمها في رثاء هرم بن سنان، فبدون مبالغة رثاه بعاطفة تعبر بصدق عن حبه لسيده ومن أشهر أبياته التي قالها في رثاء هرم بن سنان:

 

إن الركاب لتبتغي ذا مرة                             بجنوب نخل إذا الشهور أحلت

ينعين خير الناس عند شديدة                        عظمت مصيبته هناك وجلت

 

الحكمة: ذكر في الحكمة الشاعر طرفة ابن العبد، حيث أنّها وليدة عبقرية فذة ونابعة من ذكاء وقّاد، لكن حكمة زهير بن ابي سلمى أملتها عليه تجربة طويلة وعمر مديد وخبرة مكتسبة على ممدى ثمانين عامًا، إنّها حكمة بعيدة عن ثورة الشباب، واندفاع العاطفة، ونتاج تأمل طويل وممارسة شخصية، علمته السنون كثيرًا من الحقائق، حكمته نابعة من واقع اجتماعي، وفهمه لقانون الحياة، من حكمته أنّ مداراة الناس ومصانعتهم وإن كانوا عل ضلال واجبة، حيث قال:

 

ومن لا يصانع في أمورٍ كثيرةٍ                    يُضَرَّس بأنيابٍ ويوطأ بمنسمِ

 

الوصف: عاش هذا الشاعر في بيئةٍ يغلُبُ عليها طبعُ البداوةِ الأصيلة فقد كان يتغنى ويُجيدُ وصف الإبل والخيول والأطلال والصيد والحرب، فقد أنشأ معلقة خاصة يتكلم بها عن الحرب وعن مآسيها.

 

خصائص وسمات شعره

 من يسمع الشعر الذي يكتبه ويلقيه هذا الشاعر سيتخلص منه الفصاحة وكثرة المعاني وأفكارهُ الهادئة مع رزانة وجزالة الألفاظ، وكان يتميز بأسلوبه المتين وسهولة تركيب الكلمات فالمستمع يفهم ما يسمعُهُ ولا يتعقد بما يسمعه، فهو يبتعد عن حشو الكلمات، فكلماته صادقة نابعة من عاطفة صادقة، ويغلب على شعره الحكمة والمثل الذي تأثر بحكمة وفراسة هذا الشاعر.

 

 كان يطلق على قصائده بالحوليات أي من حول إلى حول يعني سنوية، فهو يكتب الشعر في شهر ويهذبه في سنة، وهذا ما يميزه بخلو أشعاره من الأخطاء ومتانة كلماته.

 

أجمل أبياته الشعرية

معلقة أمن أم أوفى

وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا                         مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ

بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً                 وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ

وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً                    فَـلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ

أَثَـافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَـلِ                 وَنُـؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـمِ

 

أحلام النيام      

 

أرانا مُوضِعِينَ لأمْرِ غَيْبٍ                           ونُسحَرُ بالشّرابِ وبالطّعامِ

كمَا سُحِرَتْ بهِ إرَمٌ وعادٌ                            فأضحَوْا مثْلَ أحْلامِ النّيامِ

bottom of page