top of page

صالح السويسي

صالح السويسي الشريف القيرواني (1871 - 18 ديسمبر 1941) شاعر ومصلح إجتماعي تونسي.

 

حياته

ولِدَ بالقيروان سنة 1871. انتقلَ إلى حاضرةِ تونس مع أسرتِه فأقامَ فيها حتى سنة 1886 ثم عادَ إلى موطنهِ من جديد.

 

اقتصرَ تعليمه على ريادة الكتاتيب حتى خَتَمَ القرآن ولم يتلقَ تعليمًا نظاميًا ومع ذلك فقد ضمن لنفسه تكوينًا عصاميًا متينًا جلب له احترام مثقفي عصره من أمثال الشيخ الفاضل بن عاشور ومحمد الحليوي وزين العابدين السنوسي. وكانَ ظريفًا حاضر النكتة. كما ضمنت له مطالعته للصحف والمجلات المشرقية توقاً إلى الإصلاح وتأثرًا بزعماء النهضة من أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وسعد زغلول فحرَرَ المقال الإصلاحي والاجتماعي ونشره بالصحف التونسية والمشرقية معبرًا عن رفضه للسائد من القيم والسلوك. ويعد في أوائل من طرقوا الموضوعات الاجتماعية والوطنية من أدباء تونس، حتى كيدت له التهم من قبل المشاركة في تنظيم سياسي وانتهت بإعادته إلى مدينة توزر.

 

أدبه

وصالح سويسي، كما يصفه بعض الذين عايشوه من أهل بلدِهِ، كان مثال الأديب المنقطعِ لخدمةِ الأدبِ لم يباشر عملًا قطّ ولم تكن له مهنة معروفة سوى أنهُ (شاعر) وكان يرتزق من شعره ولا يستنكف من تسخيرِ موهبتهِ لأبسطِ الناس، وكثيرًا ما شكا الفقر وسوء حظِ الأديبِ في شعره.

 

وكانت جُلَّ قصائده على الدعوة إلى الإصلاح ونبذ التقاليد الفاسدة والبدع التي تُسيء إلى الدين. ولئن اشتملَ ديوانُه على أهمّ الأغراضِ التقليديّةِ فقد غلبَ عليه التغني بمدينةِ القيروان وتاريخِها العريق والمديح النبوي والنقد الاجتماعي، يتخلل ذلك ميل إلى الشكوى المشوي بالنفور من المدينة وتفضيل حياة البداوة. حاولَ تجربة الشعرالحر أو قصيدة النثر فلم يفلح وقد كتبَ (دليل القيروان)، المطبوع بسوسة، عام 1911 ويحتوي أربعة أقسام القسم الأول كان مدخلًا تاريخيًا يتّصل بالفتح وأوّل الوافدين من قوّاد الجيش العربي والمؤسّسين للحكم العربي بإفريقية، والقسم الثاني يتعلّق بالمعمار، بينما يتناول القسمان الأخيران تراجم الأعلام المدفونين بالمقابر الشهيرة في القسم الثالث، ومن هم مدفونون داخل السور في القسم الرابع. ويختم الكتاب بما سماه ((النّشيد الوطني)) لتلاميذ المدارس وقد حققَ من خلال تأليفه لدليل القيروان لنفسه رغبتين ما نفعك يسعى إليهما ويجلّيهما في كل ما يكتب : الأولى إبراز حبّه القوي لمدينته القيروان، واعتزازه بتاريخها وأمجادها، والثانية إفصاحه عن منزعه الإصلاحي. لقد انخرط صالح سويسي في الحركة الإصلاحيّة السّلفية كما بنت سابقًا وكان لا يفوّت على نفسه فرصة الدّعوة إلى مبادئها ومنهجها في تحليل أوضاع العالم الإسلامي والتفكير في حلول لمشاكله القائمة. وقد يستغرب القارئ من جرأته حين يقف شاخصًا ناقدًا للسّلطة السياسية ورجال الدّين ويستطرد من حين لآخر لتصويب سهامه ونقده اللاذع إلى جمعية الأوقاف مثلًا، والأغنياء المترفين الذي لا يحسّون بجوع الفقراء من الشعب أو بفجائع اليتامى والمساكين كما سمّاها.

 

إنه يؤمن بأن علماء السّلف لم يكونوا مشدّدين في الدّين، وأنّهم كانوا حريصين على مصالح الناس وأنهم (كانوا يقولون الحق ويموتون عليه). وقد نشأَ صالح سويسي ويتمه المبكر نسبيًا، إذ فقدَ أباه عام 1886 وهو في الخامسة عشرة، من الأسباب التي رققت قلبه على اليتامى بالخصوص، فسخّر قلمه لاستعطاف ذوي اليسار عليهم وعلى سائر البؤساء حتى خيّمَ على آثاره جوّ من الحزن والكآبة لكثرة ما خاض في هذا الغرض. رجل عاشَ بالأدب وللأدب، واستطاع -رغم رقّة حاله– أن يرفع صوته بالدّعوة إلى الإصلاح والنهضة ويسخّر قلمه لغايات نبيلة ويحقّق نجاحًا لا بأس به بالنّظر إلى ظروف عصره وأحوال جيله وطبيعة تكوينه. أنه أديب شاعر وكان ظريفاً حاضر النكتة يعد في أوائل من طرقوا الموضوعات الإجتماعية والوطنية من أدباء تونس أنّه كان يعيش بأدبه ويتكسّب بشعره لا على أبواب الأمراء كما كان الشّعراء يفعلون، بل حتّى لدى عامة الناس، أدرك في هذه المجاهرة بالنقمة والغيظ من المخاطرة والجرأة.

 

مؤلفاته

لصالح السويسي العديد من الأعمال منها:

 الهيفاء وسراج الليل

 دليل القيروان.

 منجم التبر في النظم والنثر

 والجامع اليتامي

 زفرات الضمير

 ديوان «صالح السويسي القيرواني»

 سوق البلاط

 صنع ربي

 

وفاته

توفي في القيروان في 18 ديسمبر سنة 1941

 

أجمل أبياته الشعرية

من جميل قصائده هذه القصيدة

 

قَوِّض رِحالَك عَن أَرضٍ تُضــــامُ بِها                        فَالضَيمُ إِن دامَ نَفسُ الحُرِّ يَرديها

وَاِسكُن بُيوتاً إِذا راقَ المُقامُ بِها                                  فَاِمكُث وَإِلا خَفيف الحَمل يَطويها

 

وله أيضًا

 

وَلَما تَلاقينا عَلى سَفحِ رامةٍ                                       وَقَلبي مِن الشَوقِ العَظيمِ تَسَعَّرا

وَرُمتُ بِأَن أُبدي عَظيمَ لَواعِجي                                رَأيت بنان العامريةِ أَحمرا

فَقُلتُ خَضَبت الكَفَّ بَعدَ فِراقِنا                                   فَما هَذا شَأنُ المُحبينَ في الوَرى

وَأَوسَعتُها بِالعَتب شأن أُولي الهَوى                            فَقالَت لَعَمرُ اللَهِ ذاكَ ما جَرى

وَلَكِنَّني لَما أضرَّ بيَ الهَوى                                       وعينايَ بعدَ البعدِ لم تذقِ الكرى

وَقَد ذَبُلَت فيَّ مَحاسنُ زَهرَتي                                    بِكَيتُ دَماً حَتى بَلَلتُ بِهِ الثَرى

bottom of page