top of page

عامر بن الطفيل

شاعر جاهلي وفارس فتاك وسيد من سادات بني جعفر بن كلاب من بني عامر بن صعصعة من قبيلة هوازن. قيل إنه أدرك الإسلام ولم يسلم، وكان له كنيتان، فهو في الحرب أبو عقيل، وفي السلم أبو علي. وأخوه عبدالله بن الطفيل قائدٌ لبني عامر بن صعصعة لكنه قتل في أحد معاركه على يد غطفان.

 

نسبه

هو عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كعب بن مالك بن عبدالله بن الحارث بن عبدالعزى بن حبيب بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

 

حياته

كان فارساً شجاعاً اشتهر بالشدة والبأس . اشتهرَ بِركوب الخيل وكان له فرس يُسمى المزنوق، أكثر عامر من ذكره في يوم « فيف الريح «، مُظهراً إعجابه وشغفه به. وعلى الوجه الآخر، كان الشاعر عامر صاحب خصال مذمومة منها جفاء طبعه وعنجهيته وظلمه وبخله. إلا أن قومه سودوه عليهم بعد أن شاخ عمه أبو البراء المُلقب بملاعب الأسنة لشدة بأسه. وقد أدرك عامر من العنجهية حداً لم يبلغه أحد، إذ وفد على الرسول مع أربد، شقيق لبيد، متوافقين على الغدر به. ولما تخلف أربد عن طعن النبي، ساومه عامر على اعتناق الإسلام شرط أن يقتسم السلطة معه. ولما أنكر النبي عليه ذلك ولى متوعداً، لكن الموت أدركه في طريق عودته بدء الطاعون. وكذلك أصابته صاعقة أربداً وقتلته .

 

زعامتة وشهرتة

 قاد عامر بن الطفيل قومَه في عدد من المعارك، منها يوم فيف الريح، والرقْم، وذو نجب .

 كان شاعر قومه وسيدهم وفارسهم، وهو صاحب المنافرة المشهورة التي جرت في الجاهلية بينه وبين علقمة بن علاثة العامري، واحتكما فيها إلى عدد من زعماء العرب، وأبى كلهم أن يغلّبوا أحدهما على الآخر، وصارت هذه المنافرة حديث كثير من الشعراء بعد ذلك .

 اشتُهر بفروسيته، حتى إن قيصر ملك الروم كان يسأل القادمين من العرب عليه عن صلتهم بعامر بن الطفيل. ويُذكر له عدد من الأفراس الأصيلة، منها دِعلج والكُليب والمزنوق الذي ذكره مراراً في شعره، فقد قال في يوم فيف الريح:

 

وقد علـم المزنـوق أني أكـرّهُ

على جَمْعِهم كرَّ المنيـح المشهَّرِ

إذا ازورّ من وقع الرماح زجرتُهُ

وقلت له ارجع مقبلاً غيرَ مدبرِ

وقد علمـوا أني أكـرّ عليهـمُ

عشيةَ فيفِ الريـحِ كـرَّ المدوِّرِ

 

قصة وفد بني عامر وعامر بن الطفيل

وقَدِمَ على الرسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر وعلى رأسهم عامر بن الطفيل، وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، وجبار بن سلمى، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم، وقدم عامر بن الطفيل على رسول الله وهو يريد الغدر به، وقد قال له قومه: يا أبا عامر إن الناس قد أسلموا فأسلم .

فقال: والله لقد كنت آليت ألا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، فأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش؟

ثم قال لأربد: إن قَدِمْنا على الرجل فإني سأشغل عنك وجهه فإذا فعلتُ ذلك، فأعله بالسيف، فلما قدموا على رسول الله قال عامر بن الطفيل: يا محمد خالني .

قال: «لا والله حتى تؤمنَ باللهِ وحدَه».

قال: وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يحير شيئا، فلما رأى عامر ما يصنع أربد قال: يا محمد خالني.

قال: «لا حتى تؤمنَ باللهِ وحدَه لا شريكَ له».

فلما أبى عليه رسول الله قال: أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا.

فلما ولى قال رسول الله : «اللهم اكفني عامر بن الطفيل».

فلما خرجوا قال عامر بن الطفيل لأربد: أين ما كنتُ أمرتُك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل أخوف على نفسي منك، وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا.

قال أربد : لا أبالك، لا تعجل علي والله ما هممت بالذي أمرتني به إلا دخلت بيني وبين الرجل، حتى ما أرى غيرَك، أفأضربك بالسيف؟

 

وخرجوا لبلادِهم، حتى اتوا بيت امرأة من قومِهم من بني سلول فأخذت عامر غدة في حلقه، فوثب على فرسه، وأخذ رمحه، وأقبل يجول على فرسه وهو يقول: غدة كغدة البكر، وموت في بيت سلولية، فلم تزل تلك حاله حتى سقط عن فرسه ميتا.

 

وإما أربد بن قيس فلما وصل قومه بني عامر قالوا: ما وراءك ياأربد؟ قال: لا شيء، والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت لو أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله الآن، فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يبيعه، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقةً فأحرقتهما.

 

قال ابن إسحاق: وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة من أمه، فقال لبيد يبكي أربد:

 

ما أن تَعدي المنونُ من أحدٍ                                                       لا والد مشفق ولا ولد

أخشى على أربدِ الحتوفَ ولا                                                أرهب نَوءَ السماكِ والأسدِ

فعين هلا بكيت أربد إذ                                                           قمنا وقام النساءُ في كَبَد

إن يشغبوا لا يُبالُ شغبُهم                                               أو يقصدوا في الحكوم يُقْتَصَدُ

حلوٌ أريبٌ وفي حلاوتِهِ                                                             مُرُّ لصَيقُ الأحشاءِ والكبدِ

وعين هلا بكيت أربد إذ                                                            ألوتُ رياحَ الشتاءِ بالعَضُدِ

 

شعره

كان شعره جيداً حتى أطلقوا عليه مُحَبِّراً لحسن شعره، وغلب على شعره الفخر والحماسة، ولاسيما الفخر الفردي، وهذا من مزايا شعر الفرسان، من ذلك قوله:

لقد علمتْ عُليا هوازنَ أنني                                              أنا الفارسُ الحامي حقيقةَ جعفر

وقال ايضاً:

إنّي وَإِنْ كنت آبنَ سيّدِ عامرٍ                                              وفِي السرّ منها والصميم المهذّبِ

فما سوّدتني عامرٌ عن وِراثةٍ                                                     أبى اللهُ أن أسمو بأمٍّ ولا أبِ

 

وأما الأغراض الشعرية الأخرى كالمدحُ والهجاء والرثاء والتهديد والوعيد فلم تبرز في شِعرهِ.

ومما يُستجادُ له قصيدتُه التي ذكر فيها عَوَرَ عينِه، ومنها:

فبئس الفتى إن كنتُ أعورَ عاقراً                                               جباناً فما عذري لدى كلِ مَحضرِ

 

وهو هنا يشير إلى عَور عينه، وإلى أمرٍ آخر وهو عُقْمه، فلم يُنجب أولاداً.

ومن أجمل فخره ابياتة التي يقول فيها :

 

وما الأرضُ إلا قيس عيلان أهلُها                                              لهم سـاحتُاها سهلُها وحزومُها

وقد نال آفاقَ السمــاواتِ مجدُنا                                                 لنـا الصّحوُ من آفاقِها وغيومها

 

وقد شَرَحَ ديوانَه من القدماء أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وطُبع هذا الشرح عدة طبعات الأولى بتحقيق كرم البستاني عام 1979، والثانية بتحقيق محمد نبيل طريفي عام1994، والثالثة بتحقيق هدى جنهويتشي عام 1997.

bottom of page