top of page

عبد يغوث الحارثي

من الشعراء المُقلين ومِمَن اشتهروا بالفروسية والكرم والجمال والسيادة في قومهم وهو الذي قادَ قومه في مواجهة بني تميم وأنصارهم ولكن قُتِلَ العديدُ مِن قومه وأُسِرَ وكانَ أحدَ الأسرى وقد أسره رجل عبشمي يُقال: أنه أهوج ورغب الشاعر افتداء نفسه بمئة من الإبل فقالت أم الرجل له وقد رأته عظيمًا جَميلًا جَسيمًا: من أنت ؟ قال: أنا سيد القوم. فضحكت وقالت: قبحك الله من سيد قوم حين أسرك هذا الأهوج.

 

 فقال عبد يغوث :

كأن لم تري قبلي أسيرا ً يما نيا                                 وتضحك مني شيخة عبشـمية

 

ثم قال لها : أيتها الحرة، هل لك إلى خير؟ قالت : وما ذاك ؟ قال : أعطي ابنك مئةً من الإبل وينطلق بي إلى الأهتم فإني أتخوف أن تنتزعني سعد والرباب منه. فضمن له مئة من الإبل، قبضها العبشمي وانطلق إلى الأهتم فقال عبد يغوث :

 

ورهطا ً إذا ما الناس عدُّوا المساعيا                                     أأهتم يا خير البرية والدا

ولا تثقفني التيم ألقى الدواهيـا                                    تدارك أسيرا ًعانيــاً في بلادكم

 

فمشت سعد والرباب فيه، فقالت الرباب: يا بنى سعد! قُتِلَ فارسنا ولم يُقتل لكم فارس مذكور فدفعه الأهتم اليهم وكانوا قد شدوا لسانه لئلا يَهجوهم. فلما لم يجد من القتل بدا ً قال لهم : يا بنى تيم اقتلوني قتلة كريمة، اسقوني الخمر ودعوني أنحُ على نفسي، فسقوه الخمر وقطعوا له عرقأ فجعل يشرب والدم ينزف وهو يقول : ألا لا تلوماني.

 

وقصيدته التالية قالها الشاعر حين أعد للقتل. وفي صاحبها يقول الجاحظ : وليس في الأرضِ أعجب منطرفة بن العبد وعبد يغوث، وذلك أنا إذا قسنا جودة أشعارهما في وقت إحاطة الموت بهما لم تكن دون سائر. أشعارهما في حال الأمن والرفاهية.

وفي هذه القصيدة الرائعة يطلب من خصومه أن يطلقوا سراحه مُعللأ أنه لم يقتل فارسهم النعمان بن جساس الذي سقط قتيلًا في المعركة التي دارت رحاها بينهم وبين قومه.

 

اقول وِقد شدوا لساني بنسعة                                     أمعشر تيم ، أطلقوا عن لسانيا

فإن أخاكم لم يكن من بوائيـا                                      أمعشر تيم، قد ملكتم فأسجحوا

وإن تطلقوني تحربوني بماليا                                    فإن تقـتلوني تقتلوني سـيدا

 

ثم يلتفت الشاعر إلى قومه فيخبرهم عن بلائه في الحرب مدافعا ً عنهم، وهو الفارس المعتز بنفسه الذي لا يعيبه وقوعه في الأسر بعد قتال مرير :

 

ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بـيا                                 فما لكما في اللوم نفعٌ ولا لـيا

ألم تعلما أن الملامة نفـعـهـا                                       قليل وما لومي أخي من شماليا

فيا راكباً إما عرضت فبلـغـن                                    ندامي من نجران أن لا تلاقـيا

أبا كربٍ والأيهمين كلـيهـمـا                                      وقيساً بأعلى حضرموت اليمانيا

جزى الله قومي بالكلاب ملامةً                                  صريحهم والآخرين المـوالـيا

 

bottom of page