top of page

هند بن عتبة

هي هند بنت عتبة بن ربيعة القرشية، كانت من أبزر نساء قريش قبل الإسلام، وعرف عنها الجرأة الشديدة، وقوة الشخصية، والحزم.

 

وهي إحدى نساءِ  العرب اللاتي كانت لهن شهرةٌ عاليةٌ قبل الإسلام وبعده. زوجة أبي سفيان بن حرب، وأم الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان. وكانت امرأةً لها نَفسٌ وأنفة، ورأي وعقل. شهدت أحداً كافرة مع المشركين، ومَثلت بحمزة بن عبد المطلب عم رسول الله محمد.

 

كانت من النسوة الأربع اللواتي أهدر الرسول دماءهن يوم فتح مكة، ولكنه عفا وصفح عنها حينما جاءته مسلمة تائبة حيث أسلمت يوم فتح مكة بعد إسلام زوجها أبي سفيان بليلة.

 

زواجها

زَوجها أبوها من الفاكهة بن المغيرة المخزومي، فولدت له أباناً، ثم تركته.

 

وقالت لأبيها ذات يوم: إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلاً حتى تعرضه علي. فقال لها: ذلك لك. ثُمَ قال لها يوماً: إنه قد خطبك رجلان من قومك، ولست مسمياً لك واحداً منهما حتى أصفه لك، أما الأول: ففي الشرف والصميم، والحسب الكريم، تخالين به هوجاً من غفلته، وذلك إسجاح من شيمته، حسن الصحابة، حسن الإجابة، إن تابعته تابعك، وإن ملت كان معك، تقضين عليه في ماله، وتكتفين برأيك في ضعفه، وأما الآخر ففي الحسب الحسيب، والرأي الأريب، بدر أرومته، وعز عشيرته، يؤدب أهله ولا يؤدبونه، إن اتبعوه أسهل بهم، وإن جانبوه توعر بهم شديد الغيرة،  سريع الطيرة، وشديد حجاب القبة، إن جاع فغير منزور، وإن نوزع فغير مقهور، قد بينت لك حالهما.

 

قالت: أما الأول فسيد مضياع لكريمته، مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها ، وتضيع تحت جفائها ، إن جاءت له بولد أحمقت ، وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت. اطو ذكر هذا عني فلا تسمه لي ، وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة : إني لأخلاق هذا لوامقة ، وإني له لموافقة، وإني آخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي ، وقلة تلفتي ، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، والذائد عن كتيبتها ، المحامي عن حقيقتها ، الزائن لأرومتها ، غير مواكل ولا زميّل عند ضعضعة الحوادث، فمن هو؟ قال : ذاك أبو سفيان بن حرب، قالت : فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء المتسلس السلس، ولا تمسه سوم المواطس الضرس، استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.

 

وتزوجت هند من أبي سفيان بن حرب، وكانت تحرص دوماً على محامد الفعال، كما كانت ذات طموح واسع، ففي ذات يوم رآها بعض الناس ومعها ابنها معاوية، فتوسموا فيه النبوغ، فقالوا لها عنه : إن عاشَ ساد قومه. فلم يعجبها هذا المديح فقالت في إباء وتطلع واسع : ثكلته إن لم يسد إلا قومه.

 

إسلامها

أسلمت هند يوم فتح مكة وحَسُن إسلامها، وفي يوم فتح مكة قالت هند لأبي سفيان: «إني أريد أن أُبايع محمدًا». قال: «قد رأيتك تُكَذِّبِين هذا الحديث أمس!» فقالت: «والله ما رأيت الله عُبِد حَقَّ عبادته في هذا المسجد قبل الليلة. والله إن باتوا إلا مصلين». قال: «فإنك قد فعلت ما فعلت. فاذهبي برجل من قومك معك». فذهبت إلى عثمان بن عفان، وقيل: إلى أخيها أبو حذيفة بن عتبة، فَذهبَ معها فاستأذن لها فدخلت وهي مُنْتَقبة، والرسول  يقول: « تُبَايِعِيْنِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكِي بِالله شَيْئًا»، فلما قال: « وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ»، قالت هند: «وهل تزني الحرة وتسرق؟» فلما قال: « وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ»، قالت: «ربيناهم صغارًا وَقَتَلتَهم كبارًا»

وشكت إلى رسول الله  زوجها أبا سفيان وقالت: «إنه شحيح لا يعطيها من الطعام ما يكفيها وَوَلدها»، فقال لها رسول الله : « خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيْكَ وَوَلَدَكِ»، وقال أبو سفيان: « فما أصبت من مالي فهو حلال لك».

 

وفي رواية أخرى أنه لمّا كان يوم فتح مكة أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها، وأتين رسول الله وهو بالأبطح فَبَايَعْنَه، فتكلّمت هند فقالت: «يا رسول الله، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه لتنفعني رحمك، يا محمّد إني امرأة مؤمنة بالله مصدّقة برسوله». ثمّ كشفت عن نقابها وقالت: «أنا هند بنت عتبة». فقال رسول الله: « مرحبا بك». فقالت: «والله ما كان على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يذلّوا من خبائك، ولقد أصبحت وما على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يَعزّوا من خبائك». فقال رسول الله: « وزيادة». وقرأ عليهنّ القرآن وبايعهنّ فقالت هند من بينهنّ: «يا رسول الله نماسحك؟» فقال: «إنّي لا أصافح النساء، إنّ قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة». ولما أسلمت هند جعلت تَضْرِبُ صنمًا في بيتها بالقدوم حتى فلّذته فلذة فلذة وهي تقول: «كنّا منك في غرور».

 

وفاتها

توفيت في بداية عهد عمر بن الخطاب. ومات في نفس يوم وفاتها أبو قحافة والد أبي بكر، وقيل أنها ماتت في خلافة عثمان بن عفان.

 

 

شعرها ورثاؤها

لَما كانت واقعة بدر قُتِلَ فيها عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فأقبلت هند بنت عتبة ترثيهم، وبلغها تسويم الخنساء هودجها في الموسم ومعاظمتها العرب بمصيبتها بأبيها عمرو بن الشريد، وأخويها صخر ومعاوية، وأنها جعلت تشهد الموسم وتبكيهم، وقد سومت هودجها براية وأنها تقول : أنا أعظم العرب مصيبة، وأن العرب قد عرفت لها بعض ذلك.

 

فلما أصيبت هند بما أصيبت به وبلغها ذلك قالت : أنا أعظم من الخنساء مصيبة، وأمرت بهودجها فسوم براية، وشهدت الموسم بعكاظ، وكانت سوقاً يجتمع فيها العرب فقالت : اقرنوا جملي بجمل الخنساء ففعلوا.

 

فلما أن دنت منها قالت لها الخنساء : من أنت يا أخية ؟ قالت : أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك، فبم تعاظمينهم ؟ فقالت الخنساء : بعمرو بن الشريد، وصخر، ومعاوية ابني عمرو، وبم تعاظمينهم أنت ؟ قالت : بأبي عتبة بن ربيعة، وعمي شيبة بن ربيعة، وأخي الوليد، قالت الخنساء : أو سواء هم عندك، ثم أنشدت الخنساء تقول :

 

أبكي أبي عـمـراً بعين غزيرة                                    قـليل إذا نام الخـلي جحـودها

و صنوي لا أنسَ مـعاوية الذي                                 لـه من سـراة الحـرتين وفودها

صخرا ومن ذا مثل صخر إذ                                    غدا بسلهبه الأبطال قبا يقودها

فذلك يا هـند الرزية فاعلمي                                      ونيـران حـرب حين شـب وقودها

 

فأجابتها هند:

 

أبـكي عـميد الأبطـحـين كليهما                                  وحـاميـهما مـن كـل باغ يريدها

أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي                              وشيبة والحامي الذمار وليـدها

أولـئـك آل المجـد من آل غالب                                  وفي العز منها حين ينمي عديدها

 

ومن شعر هند أيضاً في رثاء أبيها عتبة بن ربيعة بعد مقتله يوم بدر:

 

أعـيـني جودا بدمع سرب                                          عـلـى خير خندف لم ينقلب

تـداعـى لـه رهطه غدوة                                            بنو هاشم وبنو المطلب

يـذيقونه حـد أسيـافهم                                                 يـعـلونه بعد ما قد عطـب

يجرونه وعفير التراب                                              عـلـى وجهه عاريا قد سلب

و كان لنـا جبلا راسيا                                               جميل المراة كثير العشـب

فأمـا بري فلم أعنه                                                    فـأوتـي من خير ما يحتسب

bottom of page