top of page

يوسف عز الدين السامرائي

سيرته

الدكتور يوسف عزالدين بن السيد أحمد السامرائي البعقوبي (1922-8 نيسان 2013) أديب ومفكر عربي عَلَم من أعلام العراق والعرب المعاصرين. له من الابناء : الدكتور اسل طبيب جراح وأستاذ جامعي والدكتور موئل أستاذ في الشريعة في جامعة ويلز وقطر والدكتور سعد خبير في الجيولوجيا والأستاذة ندى محاضرة في الإدارة. زوجته السيدة خيرية رشيد الصابري توفيت في 21 نيسان 2001 وهو شقيق عالم المخطوطات الدكتور قاسم السامرائي.

 

بدأ حياتَه الأدبيةَ شاعرًا ومسرحيًا ثُمَّ أكمل دراساتِه الأدبيةَ وعَمِلَ في جامعة بغداد وجامعاتٍ عربيةٍ أخرى. تقلد مراكزَ وظيفيةً عليا في مجال الثقافةِ والأعلام (كانت تدعى الدعاية والإعلام يومذاك)، وعَمِلَ أمينًا للمجمع العلمي العراقي خلفًا للدكتور ناجي الأصيل حتى مغادرته العراق في (1979). واصلَ خلالها أبحاثه الفكرية والأدبيّة ونشر مقاطع من سيرته في أكثر من كتاب، كما أصدر روايات (قلب على سفر) و(النورس المهاجر) ومجموعة قصص (ثلاث عذارى). بالإضافة إلى مجاميعه الشعريّة وأبحاثه النقديّة والأدبيّة. في عام (2001) تقاعد من العمل الجامعي بين إلحاح أصدقائه ومعاناته الجسديّة. توفيت زوجته خلال ذلك ولم يعد لديه أحد يملأ جوّ المنزل. قبل ذلك كان قد شارف الثمانين وهي سن تقتضي الراحة والهدوء، لكنهُ كان متعلقًا بالعمل. ظروف العراق السياسيّة كانت لما تزل شائكة يومئذٍ، ولا تشجع على العودة إلى بيته الموصد في الأعظميّة منذ مغادرته. وبيّن تلك المعادلات، كان خيار العمل وجوّ الأخوة والمحبة الذي يحيطه به اصدقاؤه أرجح من سواه.

 

ولِدَ يوسف عز الدين بن السيد احمد بن السيد عبد الرزاق السامرائي، في مدينة بعقوبة، بداية العقد الثالث من القرن العشرين، وتوفيَ في مدينة كارماذن في ويلز ودُفِنَ في مقبرة المسلمين مع زوجته في مدينة سوانزي قي ويلز. كان أبوه ضابطًا في الجيش العثماني، وشاركَ في معارك هذا الجيش في الأناضول وقفقاسية، وغيرها من الحروب التي خاضتها الدولة العثمانيّة ضد اعدائها، حتى إذا انتهت الحرب الأولى 1914 ـ 1918 بهزيمة الدولة العثمانيّة، عادَ فيمن عادَ من الضباط العراقيين والعرب إلى بلادهم، ولقد عُرِفَ عن أبيه كرمُه وأباؤه وأخلاقه الحميدة، وكان يطلق عليه لقب السيد فالعائلة كانت تسكن مدينة سامراء، وبيدها سِدانة الروضتين المطهرتين للأمامين الجليلين الحسن العسكري وعلي الهادي عليهما السلام ويرجع نسبهما الرفيع إلى الإمام علي بن أبي طالب وتشاء النوازع الذاتيّة لأن تدق أسفينها بين الأعمام والأخوة فتنشب معركة داميّة شرِسة بين الطرفين الأمر الذي يدفع والي بغداد داود باشا إلى تجهيز حملة عسكرية لفض الإشتباك وحقن دماء الأخوة وأبناء العمومة ومعاقبة المسيئين فتتفرق الأسرة في أنحاء شتى من العراق والدول المجاورة وحتى البلاد البعيدة فأصبح منهم راجات في الهند، فيما سكن آخرون في إيران في حين شاء أجداده السكن في لواء ديالى وعاشوا فيها ردحًا طويلًا من الزمن.

 

بدأ يوسف عزالدين معلما في الثلاثينيات وأول الأربعينيات في قرى محافظة ديالى، ثُمَّ مدرسًا بين الأربعينيات وأول الخمسينيات في بغداد العاصمة، وأستاذًا في جامعة بغداد بين (1957- 1978)، وعميدًا للدراسات العليا في جامعات الإمارات والرياض والطائف خلال السنوات (1979- 2001). كما عَمِلَ مدرسًا ومحاضرًا في معهد الدراسات العليا في الجامعة العربية خلال الستينيات. وبذلك يكون قد أمضى زهاء سبعة عقود في محراب التربية والتعليم والثقافة. وعلى صعيد البناء الثقافي، ساهم الأستاذ يوسف عزالدين في بناء صروح ثقافية وأدبية إلى جانب عمله التعليمي والجامعي، منه: إنشاء المكتبة العامة في مركز مدينة بعقوبة خلال عمله في التعليم الإبتدائي؛ إنشاء جمعيّة الكتاب والمؤلفين العراقيين، إنشاء مجلة الكتاب لسان حال جمعيّة الكتاب والمؤلفين العراقيين؛ إنشاء مجلة الأقلام الثقافيّة التي ضمت إلى أصدارات وزارة الثقافة العراقيّة؛ إشرافه على إدارة وتنظيّم أعمال ومرافق المجمع العلمي العراقي خلال فترة الستينيات والسبعينيات حيثُ كانَ سكرتيرًا للمجمع خلال أمانة المرحوم ناجي الأصيل ثُمَّ أمينًا عامًا له من بعده حتى مغادرته العراق (1978). وبما يؤكد الدور الناشط والفاعل في حركة الثقافة العراقيّة بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، بما فيها المهرجانات والندوات والمؤتمرات الثقافيّة ومنها مهرجانات الكندي وابن رشد والفعاليات الثقافية والعلمية عربيًا وعالميًا. فقد كانَ عضوًا عَامِلًا في مجمع اللغة العربية في القاهرة لم ينقطع عن الحضور الفاعل لدورة من دوراته حتى مرضه الأخير. ورغم انشغالاته وتراكم أعبائه الصّحية والعائلية يحرص على إعداد بحثين سنويًا للمشاركة في جلسات المجمع، وكان يتمتع بمحبة وتقدير أعضاء المجمع والمجتمع الثقافي المصري والصحافة المصريّة. وكانت له مواقف وآراء واضحة في موضوعات الساعة كالحداثة وتجديد اللغة العربية، والمفردات الدخيلة في اللغة العربيّة على صعيد الإعلام والشارع. وإلى جانب عمله في المجمع العلمي العراقي (مؤسسة دار الحكمة لاحقًا) ودوره في مجمع اللغة العربية في القاهرة، فقد كان عضوًا في مجامع اللغة والترجمة في دمشق ودلهي وجمعيات الأدب المقارن في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة وغيرها.

 

منذ تقاعده يقيم في مقاطعة ويلز البريطانية، مواصلًا كتاباته وأبحاثه، كما أعاد مراجعة بعض كتبه وإعادة نشرها. ومن أبرز كتبه الأخيرة (الشعر السياسي في العراق الحديث)، تحقيق كتاب (الرصافي يروي ذكرياته)، وهو من المخطوطات القديمة التي تؤرخ لسنوات الرصافي الأخيرة (في الأربعينات)، وقد راجعها ونشرها بعد التحقيق مع ثلاث نسخ بين مخطوط ومنشور نشر جزئي، وقد أعيد نشره واستنساخه أكثر من مرة، وهو الكتاب الوحيد عن سيرة الشاعر والمفكر الرصافي، سيما بعد صدور كتابه الفريد (الشخصية المحمدية) عن دار الجمل في ألمانيا. في السنوات الأخيرة تفاقمت عليه آلامه الجسدية وصار يُعاني من صعوبة في النظر والحركة، ولم تساعده العلمليات الجراحيّة لعينيه كثيرًا، إضافة إلى أوجاع المفاصل والساقين. ومنذ عامين توقف عن حضور الإجتماعات السنويّة الدورية لمجمع اللغة العربية في القاهرة الذي استمرَ في المواظبة عليه منذ الثمانينات. وفي الأشهر الأخيرة عَمِلَ في كتاب بعنوان (العنف في العراق) يتناول بعض خلفيات أحداث ما بعد الغزو الأمريكي. كما أكمل ترجمته للأمريكي والت ويتمان التي كان قد بدأ بها قبل سنوات.

 

كانت للدكتور أيادٍ بيضاء في كثير من جوانب الثقافة العراقيّة، ولعله من القلة، قرن الدراسة الأدبية بالظروف الاجتماعيّة والنفسيّة والسياسيّة ، منذ أيام حكم المماليك في العراق حتى مطلع العهد الجمهوري. إضافة إلى المؤسسات الثقافية والعلمية والمجلات الأدبية والأكادمية التي ساهَمَ في إنشائها أو إدارتها وتحريرها. ويبقى الإلتقاء به وتكريمه إلتقاء وتكريمًا للعراق والثقافة العراقيّة الأصيلة.

 

لم يولد وفي فمه ملعـقة من ذهب كما يقول أحد أقرانه، ولم تكن جادة الحياة مفروشة أمامه بالورد أو البساط الأحمر. تذوق مرارة الحياة وشظف العيش وعلقم الغربة ونكد الكثيرين وغدر الزمان. الأرض تحت قدميه والسماء فوقه وظهره إلى الجدار. ما الذي يدفع صبياً في أوائل العقد الثّاني من عمره ليعتزل اللهو والعبث وينصرف لمكاتبة الصّحف والمواظبة على تأمين رسالة إخبارية عن مدينته {بعـقوبة} في ثلاثينات القرن الماضي! فيكون أصغر وأول صحافي في مدينته الوادعة على ضفاف نهر ديالى المتهادي ليلتقي دجلة قريباً من بغـداد. عندما ضربت طائرات الانجليز مدن وقرى العراق في إثر ثورة العشرين المباركة، كان عمره أربعين يوماً، فكان ( ابن الثورة التي بقيت - معه- طول حياته) حسب تعـبيره، ولكنه حوّل الثورة إلى فكر وأدب ومحبة، فانتشر سـنـا ثورته من جنائن بعقوبة ليفيض خارج حدود العراق إلى بلاد الإنجليز (خاصة) والمعمورة كلها.

 

تواضعه ليس أقل من اعتداده بنفسه، ورقة حاشيته ليست أدنى من حدّة هجومه! تعلم الكثير من الحياة، فصاغ حلوها ومرّها مبادئ يرتكز إليها ومنهجاً لا يحيد عنه إنساناً قبل أن يكون شاعراً، ومعلماً قبل أن يكون أستاذاً، وشاعراً قبل أن يكون أديباً ومفكراً، بل هو كل هذا وذاك. مرايا متعددة متقابلة، تنعكس على بعضها البعض فيكون لها وهج الدلالة ودليل الضلالة. نقطة تحوله الكبرى كانت حصوله على درجة الدكتوراه وتقلده الأستاذية. ومنذئذ ينساب نهر أفكاره وإبداعه على صفحات الحياة، فيوشحها بورود مزهرة وأشجار باسقة تمدّ ظلالها للكثيرين.

 

بين أواخر ثلاثينات القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين أكثر من ستين عاماً، هي العمر الأدبي للدكتور يوسف عزالدين؛ انطلقَ فيها شاعراً وواصل مسيرته حاملاً جذوة الشعر في روحه. إن هذه المرحلة التي أسقطت من الدراسة لدى كل من تناول شاعرية يوسف عزالدين وشخصيته الأدبية والفكرية نتيجة انقطاع الأسباب وطبيعة الظروف السياسية السائدة، لهي أهم مراحل حياة الشاعر وملامح تكوينه الفكري والثقافي والتي بقيت مُنطَبِعة في وجدانه وفكره ووجدت إفرازاتها على كل ما أنتجه من شعر ونثر وفكر في المراحل اللاحقة.

 

أن تتبع دراسات وأبحاث الدكتور يوسف عزالدين يتكشف عن خطّ منهجي فكري لاحب وتسلسل تأريخي وبحثي متقصد في نبش طبيعة المجتمع العراقي وتحليل نتاجه الفكري والأدبي. ومن هنا مكمن الطرافة في اختيار (الشعر العراقي في القرن التاسع عشر) موضوعاً لرسالته للماجستير. حيث يجد القارئ أن ثقل الرسالة إنما يتمركز في المقدرة التي يوظفها المؤلف لدراسة تلك الفترة وتأرخة الحياة السياسية والاجتماعية فيها، من منظور إجتماعي نفسي/ سياسي أكثر مما هو أدبي، وبالشكل الذي يبدو معه الأدب/ الشعر- هامشاً أو مرآة نتعكس عليه آثار تلك التغيرات والظروف، مؤشراً على مواطن التخلف والفساد والتقاليد والممارسات البالية التي تقعد بالنفس عن مضمار الطموح وتلهب نفس الحرّ للتمرد. إنّ هذه الرسالة التي تكاد تكون فريدة في مضمارها وإطارها في التأسيس لدراسة الأدب والشعر العراقي واتجاهاته في القرن العشرين؛ إنما تكشف عن جوانب جديدة من شخصية يوسف عزالدين الأدبية والفكرية، مؤرخاً، مفكراً. ومحللاً إجتماعياً، وهو أمر قلّما فطن له أو تريث لديه أحد.

 

مؤلفاته

الشعر

 في ضمير الزمن مجموعة شعرية 1950- الإسكندرية/ مصر

 ألحـــان مجموعة شعرية 1953- الإسكندرية/ مصر

 لهاث الحياة مجموعة شعرية 1960- بيروت/ لبنان

 من رحلة الحياة مجموعة شعرية 1967- بغداد / العراق

 همسات حبّ مطوية مجموعة شعرية 1987- القاهرة/ مصر

 صدى الطائف مجموعة شعرية 1992- الطائف/ السعودية

 شرب الملح قصيدة 1992- القاهرة/ مصر

 النغم الحائر قصيدة 1992- القاهرة/ مصر

 أيام ضاعت قصيدة 1992- القاهرة/ مصر

 أوجاع شاعر قصيدة 1993- القاهرة/ مصر

 ليس يدري مصيره قصيدة 1994- القاهرة/ مصر

 رجع الصدى قصيدة 1994- القاهرة/ مصر

 وفاء الحسان مسرحية شعرية 1994- القاهرة/ مصر

 حنين الهمس مجموعة شعرية 1997- القاهرة/ مصر

 هكذا يا بغــداد! مجموعة شعرية 2001- القاهرة/ مصر

 

السرديّـات

 قلب على سفر رواية 1975- القاهرة/ مصر

 ثلاث عذارى مجموعة قصص 1987- الرياض/ السعودية

 النورس المهاجر رواية 1992- القاهرة/ مصر

 وعادت الذكرى بغرائبها وطرائفها (أيام الدراسة العليا) 1988- القاهرة/ مصر

 إلى الديار الممنوعة (الصين والاتحاد السوفيتي) 1989- القاهرة/مصر

 حلو الذكريات ومرّها ( قصة حياته) 1992- القاهرة/ مصر

 

أجمل أبياته الشعرية

الطبيبـــــــــة المدخنــــــــة

 

انفُثِي من فمك العذب عطورَا

واملئي الدنيا أريجًا وزهورَا

ليس ما تنفث غيماً قاتما

إنما تَنفث للكون عبيرا

تاهت الأنفاس من غبطتها

بفم يرسلها عذبا نميرا

أيُّ هم ليت شعري ساءها

فكوت سيكارة الحزن زفيرا

ما الذي أوقعها في شجن

فانتحت تُزجي دخانا وسعيرا

ليتني سيكارة في فمها

أنتشي من شفة الحسن سرورا

 

ترنيمـــــة إلـــى الزهــــــــراء

 

مَنْ خطاه مجفلات

جاءني يسعى غريبا

بدَّدَ الصمتَ الرهيبا?

لم يذر دهري حبيبا!

من أتاني بعد أن صرت رُكاما وحجاره?

عبثت أيدي زمان غارة أتبع غاره

حاقد يُبغض رمزا كان في الحب مناره

كنت رمز الأمل العذب وهمسات الأماني

جبل القدس شموخا ملأ الدنيا حناني

قد غرسنا لهمُ الحب بأنغام حواني

فسقونا غصص البغض بتدمير الحياةِ

من أتاني زائرا بدَّد صمت الحسرات!!

bottom of page